لماذا الصمت؟

الكنائس، المساجد، قبور القديسين والأماكن التاريخية المتعلقة بالديانات السماوية هي أماكن مقدسة ولا يحق لأحد او لمجموعة التعدي عليها. فالتعدي عليها يعني التعدي على المقدسات، وعلى الديانة وتابعيها.

مَن من المسلمين يسمح لأية مجموعة التعدي على المكة المكرمة او مسجد قبة الصخرة؟ مَن من المسيحيين يسمح لأية مجموعة التعدي على قبر يسوع أو كنيسة القيامة او حتى على الفاتيكان؟. فمن واجب الجميع احترام كل الاديان ومعتنقيه.

سبق وشاهد العالم تعديات عديدة من هذا النوع خلال التاريخ… فالشعب المعروف بهذه التعديات هو شعب تعدى ليس فقط على أماكن مقدسة وقام بتشويهها، بل ايضاً على أراضٍ وبيوت شعوب عدة، من خلال تطبيق الظلم والانتداب عليهم وعلى اوطانهم.

هجموا على أوروبا وصولاً الى الاندلس، ثم احتلوا القسطنطينية اليونانية، وآسيا الصغرى، والشرق الأوسط وصولاً الى شبه جزيرة الصومال. نعم، في الماضي وحتى الان، للأسف، القوة هي التي تهيمن، ولكن تطبيق القوة من خلال اعتماد القتل والسرقة والظلم لا تمثل إلا اللانسانية. فالرومان احتلوا الشرق الاوسط، واليوم نرى قلعات تاريخية من زمنهم، أصبحت من ثروات لبنان….الفرنسيون انتدبوا كل من لبنان وسوريا ودول عربية اخرى، وأدخلوا قوانين وسلوك عيش الأوروبية الى البلاد وساهموا بإزدهار البلد…. أما الأتراك، فكما يقول المؤرخ والكاتب الفرنسي الكبير فيكتور هيغو:” لا يثمر العشب، أينما يدعس الأتراك”. هذا ليس الا الحقيقة . ماذا تركوا خلفهم بعد انتداب لبنان وسوريا غير الظلم؟ لقد قاموا بتجويع سكان جبل لبنان، حيث بلغ عدد الضحايا مئتي ألف…

مَن ينسى 6 أيار، عندما قاموا بشنق اللبنانيين والسوريين؟ التاريخ يشهد على ما حصل مع الشعب الأرمني في القرن الماضي… مَن ينسى إبادة الأرمن بيد الأتراك، حيث بلغ عدد الشهداء مليون ونصف المليون. لم يقتلوا، ويشنقوا، ويغتصبوا فقط… بل ايضاً اعتدوا على وطن هذا الشعب التاريخي الذي يتجاوز عمره 6000 عام.

لقد اعتدوا على بيوتهم، وكنائسهم، وأراضيهم المقدسة …وأخيراً احتلوا الوطن حيث عاش هذا الشعب العريق. اذا التاريخ والانسان لا يتذكر، رمال صحراء دير الزور تشهد، وهي ما زالت تحتضن رفاة الشهداء، الأولاد الذين سقطوا جائعين، الأمهات اللواتي سقطوا وهم يطلبون من الله العدالة. خلال مئة سنة، حولوا كل الكنائس الأرمنية الى مزارع للحيوانات أو مساجد. مَن ينسى كنيسة آيا صوفيا اليونانية، التي تبقى من الشهود التي تثبت يونانية القسطنطينية . فهذه الكنيسة التاريخية تحولت الى مسجد. وقام الأتراك بانتزاع الصليب عن الكنيسة وغطوا صور القديسين بصواني ذهبية. مَن يقوم بحرق كنيسة وبنهبها؟ الأتراك قاموا بذلك، لقد هدموا كنائس أرمنية!

عزيزي القارىء، التاريخ يعيد نفسه. تركيا الحالية هي نفس تركيا السلطنة العثمانية، انها مبنية على أساس السلطنة. وكلنا نشهد ماذا يحصل اليوم في سوريا. نشهد ماذا يحصل في عفرين وحلب. العالم يشهد عدد الأولاد الذين يُقتلون وقلوب الامهات التي تحترق والبيوت التي تهدم. فما مصلحة تركيا في حرب لا تقع على أراضيها، اي على اراضي أرمينيا ويونان المحتلة. فهذه الدولة لم تكتفى بالتعدي على البشرية، فقبل أيام قامت بتدمير قبر القديس مار مارون.
والأمر الذي أثار غضبي ليس فقط التعدي على الأماكن المقدسة، بل صمت الطائفة المارونية! أين أنتم يا أخوتي؟ لماذا هذا الصمت؟ لماذا لا تزال صامت فخامة الرئيس؟ لماذا لا تزال صامت قداسة البطريرك؟؟؟ لماذا لا تزالون صامتين يا أخوتي الموارنة واللبنانيين؟ ما الذي يمنعكم من التظاهر أمام السفارة التركية مطالبين بالاعتذار والتعويض؟ ما الذي يمنعكم بالمطالبة بطرد السفير التركي من لبنان؟ لقد تعدوا على طائفتكم، على مقدساتكم، على كرامتكم!

أين أنتم؟ ولماذا الصمت؟.. لا تنسوا السكوت علامة الرضى.

كريستابور اسكندريان

بيروت

Share This