موقف حزب الاتحاد الثوري الأرمني (الطاشناك) من نزاع كاراباخ الجبلية

كاراباخ جزء لا يتجزأ من أرمينيا، وحزب الاتحاد الثوري الأرمني (وهو حزب اشتراكي أرمني) واصل إعادة توحيده مع أرمينيا. جاء ضم كاراباخ إلى أذربيجان نتيجة للمكائد التعسفية من قبل ستالين في أوائل عام 1920، ولم يقبل الشعب في كاراباخ هذا الترتيب. خلال الحكم السوفييتي، وفي كل مناسبة، وآخرها في عام 1988، رفع غالبية السكان في كاراباخ سلمياً طلبهم لتحقيق إعادة التوحيد مع أرمينيا، أما أذربيجان فاستجابت بالعنف، ليس فقط في كاراباخ، بل في جميع أنحاء أذربيجان. وفي عام 1991، دافع الأرمن عن أنفسهم في كاراباخ، وأعلنوا تشكيل جمهورية كاراباخ الجبلية. إن القرار العادل والدائم للنزاع في كاراباخ سيضمن أمن وسلامة كاراباخ وأرمينيا.

كان حزب الاتحاد الثوري الأرمني يدافع دائماً عن حق الشعب في جمهورية كاراباخ الجبلية في تحديد مصيره. ولقد أعرب شعب كاراباخ مراراً عن إرادته في العيش مستقلاً عن أذربيجان. لقد مارس الشعب في كاراباخ حقه في تقرير المصير استناداً إلى مبادئ القانون الدولي ودستور الاتحاد السوفييتي. ولم تكن كاراباخ الجبلية أبداً جزءاً من أذربيجان المستقلة. إن سيطرة أذربيجان السوفييتية على كاراباخ الجبلية بدأت في فترة الاتحاد السوفييتي وانتهت مع انهيار الاتحاد السوفييتي.

وفي الحرب بين كاراباخ وأذربيجان في الأعوام (1991-1994) كانت أذربيجان هي المعتدية. ودافعت جمهورية كاراباخ الجبلية عن حقها في العيش بأمان ونجحت في ذلك، وباتت أذربيجان هي المسؤولة عن شن الحرب وعواقبه.

وعلى مدى السنوات الـ/19/ الماضية، حافظت جمهورية كاراباخ الجبلية على وجودها واستمرت كدولة ديمقراطية، بهياكلها الحكومية ذات الصلة، والهيئات المحلية ذات الحكم الذاتي. إن اعتراف دول رئاسة مجموعة “مينسك” في منظمة الأمن والتعاون (وهي الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وروسيا الاتحادية) معاً أو كل على حدى، باستقلال كوسوفو، وأبخازيا، وأوسيتيا الجنوبية هو دليل على احترام المجتمع الدولي لحق الشعوب في تقرير المصير.

إن التقرير الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الصادر في 22 تموز من عام 2010 بشأن “انسجام القانون الدولي لإعلان الاستقلال من جانب واحد فيما يتعلق بكوسوفو” نص بوضوح “أن القانون الدولي العام لا يتضمن أي حظر لتطبيق إعلان الاستقلال”. وعلاوة على ذلك، قررت المحكمة أن “ينحصر مبدأ وحدة الأراضي في نطاق العلاقات بين الدول”. إن الطموحات الأذربيجانية لإعادة احتلال جمهورية كاراباخ الجبلية بالقوة محكومة بالفشل، وسوف تقود المنطقة إلى المزيد من الاضطرابات غير المتوقعة.

بما أن أرمينيا اعترفت بحكم الأمر الواقع بجمهورية كاراباخ الجبلية ووقعت معها اتفاقيات للتعاون الاقتصادي وغيره، وبسبب العدوان الدائم الذي أطلقته أذربيجان على أرمينيا وجمهورية كاراباخ الجبلية، فقد انجرت باعتبارها طرفاً في النزاع بين كاراباخ وأذربيجان وأصبحت الكفيل لممارسة حق تقرير مصير الشعب في أرتساخ.

ونظراً لحقيقة أن جمهورية كاراباخ الجبلية ما زالت غير معترف بها من قبل المجتمع الدولي، وفي حالات مختلفة، تقوم أرمينيا بتمثيلها والدفاع عن مصالحها، ولكن لا يمكنها أن تحل محلها تماماً. فجمهورية كاراباخ الجبلية هي الطرف الرئيس والمستقل في النزاع.

وهكذا، فإن احترام حق تقرير المصير لشعب كاراباخ الجبلية، وقبول حقيقة أن أرمينيا هي الكفيل لممارسة هذا الحق الكامل، هو الذي سيعطي فرص حقيقية لمواصلة مفاوضات حقيقية فعلية تؤدي إلى تسوية النزاع.

يؤكد حزب الاتحاد الثوري الأرمني أن المفاوضات لحل النزاع يمكن أن تثمر، وتعزز السلام فقط عندما توقع أذربيجان على وثيقة قانونية مع جمهوريتي أرمينيا وكاراباخ الجبلية بعدم استخدام القوة أو التهديد باستخدامها.

لقد خلقت الحرب الروسية الجيورجية عام 2008 والتطورات في جنوب القوقاز وضعاً جديداً في كامل المنطقة. وأصبح من الواضح أنه إذا كان المجتمع الدولي غير قادر على منع استخدام القوة، فإنه يمكن للتطورات غير المتوقعة أن تأتي بالفاجعة.

وبالنسبة لحزب الاتحاد الثوري الأرمني، ينبغي أن تكون إرادة شعب كاراباخ الجبلية هي أساس العملية التفاوضية، التي أعربوا عنها في مناسبتين: في عامي 1991 و2006 خلال الاستفتاءات حول إعلان الاستقلال والدستور في جمهورية كاراباخ الجبلية على التوالي. وفي حين ندرك أن المفاوضات تعني التنازلات المتبادلة، فإننا، في نفس الوقت، نؤكد أن تلك التنازلات المتبادلة، قد تكون فقط متكافئة ومتساوية ومتزامنة وضمن إطار حزمة الحل في ضوء جميع مكونات تسوية النزاع.

إن أي تغيير أساسي في الحدود الحالية لجمهورية كاراباخ الجبلية سوف يعرض أمن جمهورية كاراباخ وجمهورية أرمينيا للخطر، وسوف يزيد من احتمال الحرب. والحقيقة هي أن تاريخ النزاع حول كاراباخ الجبلية في العقود التسعة الماضية جعلت عودة السيادة الأذربيجانية إلى كاراباخ الجبلية غير واردة. وبعد عقدين تقريباً من الاستقلال بحكم الأمر الواقع، يريد أكثر من 99 ٪ من سكان كاراباخ الجبلية الاستقلال عن أذربيجان.

في عام 1991، بدأت كاراباخ الجبلية عملية استقلالها بالامتثال للتشريعات المحلية لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية. وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي، تم تشكيل دولتين: جمهورية أذربيجان وجمهورية كاراباخ الجبلية. وإن إنشاء هاتين الدولتين له أساس قانوني مشابه، وبذلك ينبغي أن لا يعتبر إقامة جمهورية كاراباخ الجبلية على أساس حق تقرير المصير في نطاق وحدة الأراضي الأذربيجانية.

وفي عام 1991، عندما رفضت أذربيجان الإرث السوفييتي الشرعي للأعوام 1920-1991، وأكدت حقيقة أن جمهورية أذربيجان هي خليفة جمهورية أذربيجان الممتدة بين الأعوام 1918-1920، فقدت بذلك كل الإدعاءات على الأراضي التي تم تسليمها إلى أذربيجان السوفييتية في تموز 1921، أي كاراباخ الجبلية، حتى وإن تم اعتبار نقل هذا الأخير مشروعاً. ولذلك، تشكلت جمهورية كاراباخ الجبلية على أراضي لا تملك جمهورية أذربيجان أي سيادة عليها.

وإن إقامة دولة كاراباخ الجبلية جرت بما يتفق مع المبادئ والخاصيات التي يتطلبها القانون الدولي من أجل إقامة دولة مستقلة.

إنها حقيقة لا جدال فيها بأن تشمل جمهورية كاراباخ الجبلية جميع السمات اللازمة للاعتراف بها كدولة مستقلة على النحو الذي يحدده القانون الدولي، بما في ذلك اتفاقية مونتيفيديو لحقوق الدول وواجباتها (26 كانون الأول 1933).

وبصورة محددة، إن الاعتراف الدولي يتطلب:

(أ) عدد سكان دائمين،

(ب) أراض محددة،

(ج) إدارة دائمة منظمة تحت مؤسسات سياسية مشتركة تمارس الشرعية الحصرية على الأراضي المحددة والسكان،

(د) القدرة على الدخول في علاقات مع الدول الأخرى.

وإن جمهورية كاراباخ الجبلية تستوفي كل الاشتراطات التي وضعتها اتفاقية “مونتيفيديو” للاعتراف الدولي بكيان الدولة.

وينبغي للمفاوضات أن تهدف إلى الاعتراف غير المشروط لاستقلال جمهورية كاراباخ الجبلية، وضمان أمنها، كما وينبغي عدم الالتفاف على قضايا منطقة شاهوميان المحتلة والمنطقة الفرعية “كيداشين”، وكذلك المناطق الاذربيجانية المحتلة “مارداكيرد”، و”ماردوني” وحقوق مئات الآلاف من الأرمن النازحين من أذربيجان.

إن مسار التسوية النهائية لقضية جمهورية كاراباخ الجبلية هو المفاوضات السلمية، وينبغي تغيير الصيغة المشوهة لهذه المفاوضات بحيث تصبح جمهورية كاراباخ الجبلية طرفاً كامل العضوية في عملية التفاوض.

إن تبني أي وثيقة دولية دون المشاركة المباشرة للطرف الأساسي في النزاع، -أي سلطات جمهورية كاراباخ الجبلية-، هو أمر مدان، وغير مقبول وخالي من أي قوة قانونية.

وجمهورية أرمينيا ليست في وضع يمكنها من حل مكان جمهورية كاراباخ الجبلية في إطار حل هذه المسألة الحيوية. ولذلك يجب اتخاذ تدابير عاجلة لإعادة جمهورية كاراباخ الجبلية إلى طاولة المفاوضات كطرف كامل العضوية.

إن الوضع الراهن في منطقة جنوب القوقاز هو نتيجة لسياسة أذربيجان الرامية إلى تحطيم حق تقرير مصير شعب كاراباخ الجبلية، وإطلاق حرب وخسارتها.

لم تكن كاراباخ الجبلية قادرة فقط على الدفاع عن حقها في الحياة، بل إنها خلقت دولة ديمقراطية مطابقة لجميع المعايير الدولية.

واليوم، جمهورية ناغورني الجبلية تنمو وتتطور كدولة ديمقراطية بشكل كامل. وبقبول هذه الحقيقة، فإن الاعتراف في الواقع الدولي الجديد بجمهورية كاراباخ الجبلية كدولة مستقلة ذات سيادة:

أ) سيكون خطوة هامة في التنمية الديمقراطية والوطنية في كاراباخ الجبلية،

ب) سيكون خطوة إلى الأمام بالنسبة للمجتمع الدولي،

ج) ستساهم بشكل إيجابي في تعزيز دعائم الأمن والاستقرار طويل الأمد في المنطقة، كما أنها ضرورية لتحقيق السلام، والتنمية الاقتصادية والسياسية لجنوب القوقاز،

د) وأخيراً، مثل هذا الاعتراف بجمهورية كاراباخ الجبلية من قبل الأمم الأعضاء في الأسرة الدولية لا يمكن أن يعيق العلاقات الودية مع أذربيجان، لأن أذربيجان المستقلة لم يكن لها في تاريخها أبداً سيادة كاملة وفعالة على منطقة كاراباخ الجبلية بأسرها، وفي جميع الأحوال، فشلت أذربيجان في تقديم أي إطار في تنمية الحرية والديمقراطية في كاراباخ الجبلية. وعلاوة على ذلك، فإنه ينبغي ألا ينظر إلى الاعتراف بجمهورية كاراباخ الجبلية على أنه عمل عدائي تجاه أذربيجان، وينبغي ألا يعيق جميع الأطراف المعنية من الالتزام على نحو فعال عبر الحدود والتعاون الإقليمي والمحلي لمصلحة جميع السكان في كاراباخ الجبلية وحولها.

ويمكن أن تبدأ أذربيجان وكاراباخ قريباً بوضع الماضي المشترك المأساوي خلفهم، والتحرك معاً نحو مستقبل أكثر إشراقاً. كما ينبغي أن تكون أذربيجان واقعية بشأن هذه المسألة، وأن تمتنع عن عرقلة عضوية كاراباخ الجبلية في المنظمات الدولية.

المصدر: كتيب “نحو قرار عادل ومنصف حول نزاع كاراباخ الجبلية”، منشورات الهيئة الوطنية الأرمنية- الشرق الأوسط، بيروت، 2012.

من سلسلة (30 مادة تاريخية وأرشيفية حول كاراباخ، بمناسبة الذكرى الـ30 لحركة كاراباخ) التي ينشرها موقع “أزتاك العربي” تباعاً.

Share This