القديس كريكور ( غريغوريوس ) المنوّر

المطران كريكور اوغسطينوس كوسا ، اسقف الإسكندرية للأرمن الكاثوليك

تحتفل الكنيسة الأرمنية اليوم بعيد القديس كريكور ( غريغوريوس ) المنوّر، رسول أرمينيا وشفيعها.

من هو القديس كريكور؟ : عندما كان ملك الأرمن تريدات ( درطاد ) الثالث عائداً من روما ، مرّ بقيصريّة ( تركيا الوسطى ) حيث كان يعيش فيها عدد كبير من الأرمن الهاربين من السيطرة الفارسية ، فاستعان بهم وكان من بينهم كريكور بن اناك ، وكان مسيحياً .

أُعجب الملك بكريكور دون أن يعلم انه ابن الذي قتله أبوه ، وطلب منه أن يصطحبه إلى أرمينيا ، فلبى طلبه وعاد كريكور إلى أرمينيا ليخدم البلاط الملكي .

كان كريكور من أنشط حاشية الملك لدرجة أن تريدات الثالث طلب منه يوماً أن يُقدّم إلى الالهة اناهيد البخور وأغصان الغار تمجيداً لإسمها ، فرفض كريكور هذا الطلب معلناً أنه مسيحي ، لا يعبد الأصنام ولا يُقدّم لهم القرابين . فحزن الملك ، واشتدّ غضبه لما علِم أن والد كريكور قتل أباه الملك خوسروف . فأمر بتعذيبه ، ثمّ بسجنه وأخيراً رماه في بئر عميق ليتخلّص منه. لكن العنية الإلهية خططت مصير الشعب الأرمني من هذا البئر.

عاش كريكور خمسة عشر عاماً بين الثعابين والحشرات دون أن يمسه أذى ، وكان يأكل رغيفاً واحداً من الخبز بفضل إمرأة كانت ترميه له من خلال ثقب وجدته محفوراً في إحدى جوانب البئر ، إلى أن أنقذه الله وكان خروجه من البئر نصراً جديداً .

مرض الملك درطاد: في هذه الأثناء أعلن ترايانوس امبرطور روما القضاء على المسيحيين بإضطهاهم وقتلهم ورميهم أمام الأسود المفترسة ، فهرب من روما ثلاثون فتاة مع القديسة هربسيميه اللواتي التجأنا إلى أرمينيا.

علِم الملك تريدات الثالث بوجودهن فأمر بحضور هربسيميه إلى القصر .

كانت نية الملك إمتلاك هذه الفتاة الجميلة ، لكنها رفضت جميع مغرياته وعروضه . ولمّا حاول السيطرة عليها بالقوة ، دفعته إلى الوراء وخرجت من القصر هاربة . فأمر بقطع رؤوس الفتيات بعد أن خرجت هربسيميه وجرحت كرامة الملك . فعاقبه الله لهذه الجريمة ، فأصيب بداء غريب  ، فترك القصر وذهب إلى الغابات بعد أن أصبح منظره كالحيوان .

الأعجوبة الكبيرة : لكن العناية الإلهية ، مهدّت الطريق إلى معرفة النور من خلال ظلام البئر . فألهمت أخت الملك أن شفاء أخيها لم يأتِ إلاّ على يد كريكور الذي اضطهده . لكن من يؤمن بمثل هذا الخبر ؟ فتكررت الرؤيا إلى أن اضطرت الأميرة بالذهاب إلى بئر خورفيراب لتبحث عن كريكور ، فكان إعجابها كبيراً لمّا رأته في البئر وهو على قيد الحياة فطلبت منه شفاء أخيها من مرضه الخبيث . ففعل كريكور وشفاه من علله .

أرمينيا دولة مسيحية : في سنة ٣٠١ ، وبعد الأعجوبة  ، اعتنق الملك تربدات الثالث وإمرأته وحاشيته والوزراء والعاملين في البلاط ، الدين المسيحي ، ثمّ أصدر مرسوماً ملكياً بإلغاء عبادة الأصنام وبهدم هياكلها ، ثم طلب من كريكور أن يذهب إلى قيصرية كبادوكيا لينال الرسامة الكهنوتية والأسقفية . فذهب إلى هناك ومنحه الأسقف الرسامة.

عاد كريكور من هناك وعمّد الملك والوزراء وأهل البلاط الملكي وكل الشعب في أرجاء المملكة ، وأسس التعليم المسيحي، ولكن هذا العمل الثابر لغى كثير من العقبات . فكانت هناك مواجهة عنيفة من طرف عُبّاد الأصتام ، غير أن الملك تغلب عليهم وأعطى أرزاقهم للكنيسة الجديدة .

وفاة كريكور : توفي القديس كريكور ، بعد أن بشر بالإنجيل وتنسكه في مغارة على سفح جبل . رآه الرعاة في جوف شجرة وقد اسلم الروح . كما توفي الملك درطاد الثالث برائحة القداسة .

(وطني نت)

Share This