كتاب “تاريخ غيفوند”، المؤرخ الأرمني من القرن 8 ميلادي (2)

الفصل الأول (1)

لنتحدث قبل كل شيء عن هؤلاء الذين يُسمَون بأمير المؤمنين (2).

بعد أن احتفظ بالحكم مدة 20 سنة، توفي محمد (3) وخلفه أبو بكر (4) وعمر (5) وعثمان (6) في السنة 11 من حكم ملك الهوروم (7) هرقل (8)، التقي المقبول من الله، وحكموا 36 سنة. وبينما كان هرقل المتوّج من قبل الله حياً يرزق، لم يكن بوسعهم اجتياح إسرائيل لأن أنباء بسالته عمت وسببت لهم الرعب. وكان هرقل يسيطر على إسرائيل وآشور (9) حتى نهاية حياته. وعندما خلف الابن والده هرقل، أيقظ الرب قلوب الناس الأشرار كي يثأروا من أبناء أمتنا المسيحية لأنهم ارتكبوا إثماً أمامه. فباشروا بجمع الجنود وتشكيل جيش ضد سيادة قسطنطين لمهاجمة إسرائيل وسوريا فقد كانوا مدعومين بوصية مشرّعهم (10). أوصى زارعو الزوّان والفتن: “قوموا ضد العالم كله وسيطروا عليهم لأن خصوبة الأرض ممنوحة لنا كي نتمتع بها وكلوا من لحم المنتَخبين واشربوا من دماء الأقوياء”. وكان اليهود (11) يقومون بمعاضدتهم وقيادتهم واتجهوا إلى معسكر مدْيَم (12) وقالوا لهم: “وعد الله إبراهيم بإخضاع سكان الأرض له، أما نحن، فإننا وريثو جدنا وأولاده. ضجر منا الخالق بسبب مسلكنا الشرير وأزال صولجاننا الملكي وتركنا في حال من العبودية. وبناء عليه، وبما أنكم أولاد إبراهيم أيضاً، قوموا معنا واعتقونا من خدمة ملك الروم (13) لنقيم حكمنا سوية”.

عندما علموا بذلك ، تشجعوا وهجموا على إسرائيل. سمع ملك الروم بذلك وكتب إلى قائد إسرائيل : “علمت أن الساراكينوسيين (14) تحولوا إلى الهجوم على إسرائيل وآشور. إذاً، إجمع جيشك وقم بمقاومتهم وكُنْ عقبة كي لا يجتاحوا بلادنا ويأتوا بالسيف والمجازر إليها. لذلك، إجمع جيشك وقم بتسليحه”. أما هو، وبعد حصوله على الأمر الإمبراطوري، كتب إلى جميع القادة تحت إمرته كي يأتوا إليه أينما كانوا وشكلوا جيشاً كبيراً على وجه السرعة وتقدموا لمواجهة اللصوص (15) الذين جمعوا جيشاً لمواجهتهم. التقى الجانبان قرب حدود بلاد العرب (16) ورأوا جيش مديَم والجمال والخيول كالجراد التي لا تُحصى. أظهرت جيوش الروم قلة خبرة لعدم حماية مؤخرتها وتركَ جنودها خيولهم في المعسكر وتسلحوا وساروا نحوهم لمحاربتهم. وبسبب قيظ الشمس ووعورة المكان الصخرية-الرملية، هاجموا العدو وهم منهوكو القوى بسبب ثقل الأسلحة التي يحملونها.

أما هؤلاء، فقد كانوا قد ارتاحوا وامتطوا حيواناتهم وهاجموا جيش الروم مسددين له ضربات عديدة جداً وفرّ الباقون وقاموا بملاحقتهم حتى معسكرهم وقتلوا معظمهم بشكل عام. أما الناجون،

فقد امتطوا خيولهم وهربوا إلى بلادهم.

حمل الإسماعيليون كنوز الروم كغنائم وسلبوا المقتولين بالسيف وقفلوا عائدين إلى بلادهم مبتهجين. بعد ذلك، استولوا على إسرائيل وبلاد آشور وفرضوا عليهما الجزية كذلك على كنائس مدينة القدس المقدسة ومنذئذ توقفت إسرائيل وسوريا عن دفع الجزية لملك الروم لأن جيش الروم لم يفلح في مقاومة إسماعيل.

الفصل الثاني

تجبّر هؤلاء بعد بضع سنوات وجمعوا جيوشاً جرارة وجاؤوا وهاجموا ملك الفرس الذي كان يدعى هازكرت بن خسروف. جمع هازكرت بدوره جيشه لمحاربتهم إلا أنه لم يفلح في المقاومة فأبيد بالسيف وقُتل الملك أثناء المعركة (17). بعد ذلك، دُمرت مملكة الفرس وزالت وكانت قد استمرت مدة 481 سنة (18) وقام الإسماعيليون بنهب البلاد وكنوز البلاط واصطحبوها معهم إلى بلادهم كغنائم.

افترق قسم كبير من الجيش واجتاح بلاد الأرمن عبر فارس واستولى على مقاطعات الماريين (19) ومقاطعتي كوغتن وناحية نخجوان وقاموا بقتل معظم الرجال بالسيف وأسروا آخرين مع نسائهم وأولادهم وعبروا نهر يراسخ عبر حوض جوغا (20). انقسم هذا الجيش بدوره إلى قسمين: عاد جنود القسم الأول إلى بلادهم مصطحبين الأسرى، واجتاح الثاني مقاطعة أرتاز وهاجم قائد الروم المدعو بروكوب. وكان هذا قد ركز جيشه في ناحية كوغوفيت على حدود بازوتسور (وادي الصقور بالأرمنية-المترجم) وماردوتسايك. والأمير ثيودوروس (21)، الذي كان من عائلة الرشتونيين، علم بالحدث فنبّه بروكوب أن جيش إسماعيل (22) يتجه نحونا لمحاربتنا (23). أما هو، فقد استند على عدد جيشه الكبير لا على قدرة الرب، الذي يمنح النصر أثناء الحروب، ولم يلتفت إلى نصائح أمير الأرمن. فانزعج لضياع بلاد الأرمن ولم يصبر على عدم مبالاة القائد فكرر كلامه للمرة الثانية والثالثة فغضب القائد من الأمير ورمى العصا التي بيده عليه وغادر. غضب ثيودوروس وخرج من عنده وأمر جميع القوات تحت إمرته: “تنكبوا السلاح واخرجوا ضد إسماعيل”. فقام هؤلاء بامتطاء حيواناتهم واختبأوا خلف تل يدعى يغبايرك وسدوا مداخل المضائق وقتلوا العديدين منهم ثم قاموا بسلبهم واتجهوا نحو ناحية كارني (24).

أمر بروكوب بدوره جيشه بالهجوم على العدو لكن جيش إسماعيل هاجمه فقتل معظم الروم وفر الباقون ولحق بهم حتى مخيمهم ثم عادوا (العرب) إلى معسكرهم للاستراحة. يقولون أن جيش الروم كان يربو عن 6,000 بينما كان الإسماعيليون أقل من 1,000. قام العرب بجمع الغنائم والعودة إلى بلادهم في اليوم التالي. جرت هذه الأحداث في السنة 22 من حكم الأمراء الإسماعيليين أبي بكر وعثمان وعمر فتوقفوا عن اجتياح بلاد الأرمن مدة 3 سنوات وعادوا للهجوم ثانية بجيوش جرارة في السنة 26 لحكمهم.

شروحات

(1) هناك جدال حول عنوان كتاب غيفوند…

(2) إلى جانب لقب “أمير المؤمنين”، يستخدم غيفوند لقبي “أمير الطاجيك” و”الأمير الإسماعيلي” و”أمير الإسماعيليين”. قام المؤرخ الأرمني هوفهانّس دراسخاناكيردتسي لاحقاً باختراع تعبير “أمير الأمراء” فنسوا تعبير “أمير المؤمنين”.

ـ آرام تير غيفونديان، ملاحظات حول كلمة حاكم (“فوستيكان” بالأرمنية-المترجم)، مجلة “باتماباناسيراكان هانديس” أكاديمية علوم أرمينيا، 1964، العدد 2، ص 246، بالأرمنية.

(3) ولد الرسول محمد أو محمد بن عبد الله في مدينة مكة في عام 570م تقريباً في عائلة متواضعة من قبيلة قريش. عمل راعياً في صباه في أول الأمر ثم سافر إلى سوريا ضمن القوافل التجارية وتعرّف على الديانتين المسيحية والموسوية هناك. اقترن من الأرملة الغنية خديجة وقام بإدارة أعمالها التجارية. شرع في نشر دين توحيدي جديد في حوالي عام 610م الذي يطالب بالطاعة المطلقة لله. إلا أنه لم يجد قبولاً في مكة واختلف مع سلالة الأمويين فهاجر إلى يثرب (المدينة لاحقاً) في عام 622م حيث أسس طائفة مؤمنين جديدة. قام محمد بشن هجمات على القوافل المتجهة من مكة إلى سوريا، فسمح له أهل مكة في نهاية المطاف بالدخول إليها بحرية ونشر الدين الجديد. علّم محمد الدين الجديد للناس شفهياً وتوفي في عام 632م.

كُتبت سيرة الرسول محمد بعد وفاته بمدة طويلة من قبل ابن إسحاق، الذي توفي في حوالي عام 768م، إلا أن معلوماته وصلتنا عن طريق نسخة ابن هشام المنقحة الذي توفي في عام 834م. وأول مؤرخ أرمني موثّق يتحدث عنه هو سيبيوس لأنه كان معاصراً له. وتحدث حوله لاحقاً المؤرخون الأرمن توما الأردزروني وموفسيس كاغانكاتواتسي وغيرهما. اهتم مستشرقون عديدون مثل ك. فايل و م.كودفروا-دموموبين وغيرهما بسيرته.

(4) أبو بكر 632-634م، جاء بعد الرسول محمد وسمي بخليفته بعد انتخابه من قبل أعيان الطائفة المسلمة. ثارت القبائل، التي اعتنقت الدين الجديد وجهنةً في ذلك الوقت، في عهده إلا أن الطائفة المسلمة المتمركزة في وسط الحجاز تمكنت من إخضاعها وتأمين وحدة شبه الجزيرة العربية كدولة واحدة: دولة الخلافة وباشر العرب بعدها بالفتوحات بدءاً من عام 633م.   Philip Hitti, History of the Arabs, p-178.

(5) عمر بن الخطاب 634-644م

قام العرب بفتوحات كبيرة في عهده استمرت عقداً بدفع قوات الروم والفرس إلى الخلف بسبب الوهن الذي دب في صفوفها جراء الحروب الطويلة بينهما. دخل العرب إلى فلسطين في عام 633م وفتحوا دمشق في عام 635م. جرت المعركة الفاصلة ضد القوات البيزنطية في عام 636م قرب ضفة نهر اليرموك، رافد نهر الأردن، وتعرّض ثيودوروس، شقيق الإمبراطور هرقل، لاندحار مدمّر مع جيشه البالغ 50,000 جندياً وتقهقر حتى كيليكيا. اشتركت قوات أرمنية أيضاً في هذه المعركة ويذكر المؤرخ اليوناني ثيوفانس القائد الأرمني فاهان. اشتهر كل من القائدين خالد بن الوليد وأبي عبيدة بن الجراح أثناء فتح سوريا.

انتصر سعد بن أبي وقّاص، قائد القوات التي فتحت بلاد الرافدين، على القائد الفارسي رستم في معركة القادسية سنة 637م وكان يشترك ضمن الجيش الفارسي في هذه المعركة غير الموفقة القائدان الأرمنيان موشيغ ماميكونيان بـ 3,000 مقاتل وكريكور سيوني بـ 1,000 مقاتل (سيبيوس المؤرخ الأرمني المعاصر والشاهد عيان على الفتوحات العربية في كتابه ص 108). وبعد هذا الإنكسار، احتل العرب عاصمة الساسانيين ديزبون التي تم سلبها ثم تدميرها.

استمر الفاتحون العرب في تقدمهم من ناحية سوريا ووصلوا إلى المنطقة الشمالية لبلاد ما بين النهرين (الجزيرة) واجتاحت بعض قوات (الكشّافة العربية-المترجم) إلى أرمينيا في عام 640م.

دخل القائد عمر بن العاص إلى مصر في عام 640م، وكان سكانها الأقباط قد آسوا الأمرين من اضطهادات البيزنطيين الدينية لهم. لذلك، كان احتلال العرب لمصر يسيراً جداً ثم دخلوا عاصمتها الإسكندرية بعد مقاومة لا تذكر. قُتل عمر بن الخطاب على يد مملوك فارسي. Ph. Hitti, History of the Arabs, p.139-168.

(6) عثمان بن عفان 644-656م

وصلت الفتوحات العربية، التي بوشر بها في عهد خلافة عمر، إلى نهايتها في عهده فتمّ احتلال جميع المقاطعات الفارسية وقُتل الملك هازكيرت الثالث. وبعد احتلال آذربيجان ومقاطعات ما بين النهرين الشمالية، تم احتلال أرمينيا وقتياً في عام 654م بقيادة حبيب بن مَسلَمة واحتل حاكم سوريا معاوية جزيرة قبرص وحصل على انتصارات في البحر ضد الروم. ثم قام عبد الله حاكم مصر باحتلال إفريقيا (تونس الحالية).

إلا أن دولة الخلافة الحديثة العهد كانت ضعيفة داخلياً. وكان عثمان ينتمي إلى سلالة الأمويين التي كانت عائلة متنفذة قبل ظهور الدين الجديد مما سبب استياء الجالية المسلمة. لذلك، ولأسباب شتى أخرى، اغتيل عثمان من قبل العناصر الحانقة.

(7) استخدم العرب والمسلمون الآخرون كلمة “الروم” عوضاً عن “هوروم”.

(8) انكسر الإمبراطور هرقل 610-641م، رغم حروبه الناجحة ضد إيران الساسانية، شر انكسار ضد الخلافة العربية وفقدت الإمبراطورية في عهده فلسطين وسوريا وما بين النهرين العليا ومصر.

ـ تاريخ بيزنطة، الجزء 1، ص 363-368، بالروسية.

(9) يسمي المؤرخ غيفوند قسطنطين الثاني 641-668م بقسطنطين فقط. جرت حروب بين بيزنطة والخلافة أثناء حكمه على أرض أرمينيا وسواها.

(10) يعني غيفوند بتعبير “مشرّع” الرسول محمد الذي يعتبر مؤسس التشريع الإسلامي لأن القرآن أساس الحقوق الإسلامية (الفقه).

Van Den Berg, Principes du Droit Musulman, Alger, 1896, p.3-4.

 (11) يشدد المؤرخان الأرمنيان القروسطيان سيبيوس وغيفوند على مساعدة اليهود للعرب كأدلاء للجيوش العربية. وتكمن المسألة في تلك الحقيقة أن سكان فلسطين وسوريا ومصر المسيحيين واليهود كانوا قد سئموا من سياسة بيزنطة الدينية الضيقة فلم يقاوموا العرب الذين أفلحوا في فتح تلك البلدان بيسر إلى حد أن أمير أرمينيا ثيودوروس رشتوني عقد معاهدة مع الخلافة ضد بيزنطة.

(12) كانت “مَدْيَم” أو “مَدْيَن” Madiana تقع على الجهة الشمالية-الشرقية من البحر الأحمر في القرون الغابرة البعيدة. ويعني غيفوند بتعبير “المديميين” العرب بكل بساطة. وكان المديميون قبيلة رحل مشركة في شبه الجزيرة العربية.

ـ معجم الكتب المقدسة، القسطنطينية، 1881، ص 331، بالأرمنية.

ـ باتكانيان، غيفوند، ص 120، بالروسية.

(13) تعبيرا “ملك الروم” أو “عاهل الروم” استخدمهما المؤرخون الأرمن إشارة إلى الإمبراطور البيزنطي وهو الإمبراطور قسطنطين الثاني 641-668م هنا.

(14) دعا المؤرخون الأرمن العربَ بتسميات مختلفة. التعبير الأكثر شيوعاً هو “طاجيك” وهو خاص بالتأريخ الأرمني. وتنحدر الكلمة من اللغة الإيرانية-البهلوية على شكل tacik وتعني عرب. ومن هذه الكلمة جاءت بلاد الطاجيك أو طاجكستان (بلاد العرب).

ـ هراتشيا آجاريان، تاريخ اللغة الأرمنية، الجزء (أ)، يريفان-1940، ص 287، بالأرمنية.

استخدم المؤرخون الأرمن، كجميع الشعوب المسيحية، تعبيرات أخرى مثل “الإسماعيليون” (أبناء إسماعيل) و”أبناء هاجر” وفي بعض الأحيان “ساراكينوسيون”. ينحدر تعبير ساراكينوس من التأريخ اليوناني والروماني القديم. سُمي العرب بأبناء هاجر وإسماعيليون لأنهم، بناء على الكتاب المقدس، ينحدرون من إسماعيل بن إبراهيم من زوجته هاجر. أما اليهود فمن زوجته سارة. وهذه الكلمات الأربع: طاجيك وأبناء إسماعيل وأبناء هاجر وساراكينوس نجدها في كتب المؤرخين الأرمن القديمين: سيبيوس وآنانيا شيراكاتسي وموفسيس كاغانكاتفاتسي وغيفوند وتوما أرتزروني وهوفهانّس دراسخاناكيردتسي وستيبانوس تارونيتسي وكريكور ماكيستروس ومادتيوس أورهايتسي (متى الرهوي-المترجم).

(15) كلمة “هين” في اللغة الأرمنية الأدبية القديمة Grabar ترجمها الأرمن إلى لص أو مغتصب الغنائم.

(16) من المحتمل أنه وصف معركة اليرموك عندما انتصر الجيش العربي على البيزنطيين قرب حافة نهر اليرموك رافد نهر الأردن في 20 آب عام 636م. إنها حقيقة أن الحر الشديد أنهك الروح القتالية للجيش البيزنطي وحلفائه. وخير دليل على ذلك، أن المؤرخ يروي بعد ذلك أن العرب انتصروا على الفرس في السنة التالية في معركة القادسية عام 637م.

     Philip Hitti, History of the Arabs, p.139-168

(17) هو الملك هازكرت الثالث (يازتكارت الثالث-المترجم) الذي قُتل قرب ميرف في عام 651م من قبل أحد البغّالين أثناء نومه وكان الملك قد لجأ إليه بعد فراره من ساحة الحرب مندحراً.

(18) ملاحظة ك.شاهنازاريان أن تاريخ 481م لا يتطابق مع حقبة حكم الساسانيين هي صحيحة لأن الساسانيين حكموا بين سنتي 224-651م أي مدة 427 عاماً.

(19) من المحتمل كانت مقاطعات الماريين تقع في المناطق الجنوبية من نهر آراكس حول نهر الأحمر على أطراف مدينة ماراكرت.

(20) من النواحي الشيقة ذكر جوغا وخاصة أن المؤرخين قبل غيفوند لم يذكروا هذه المدينة. من المحتمل كانت هذه المنطقة الأرمنية القديمة إحدى العقد على طرق التجارة.

(21) ثيودوروس رشتوني كان أحد الشخصيات الأرمنية المرموقة في القرون الوسطى في القرن 7 م وكان قائد القوات الأرمنية في القسم الفارسي من أرمينيا التاريخية في عهد المرزبان فارازتيروتس بقراتوني في عشرينيات هذا القرن وكان شخصية متنفذة لدرجة اقتراحه انتخاب الكاثوليكوس كريستابور الثالث في عام 628م. وبعد ابتعاد المرزبان، أضحى الحاكم الفعلي لمارزبانية أرمينيا. استغل ثيودور رشتوني في عام 639م انتصارات العرب ضد البيزنطيين والفرس فقام بتوحيد شطري أرمينيا البيزنطية والفارسية بعد طرد بطريق الأرمن دافيت ساهاروني وأقام الإمارة الأرمنية. ومنذ ذلك الوقت وحتى نهاية القرن 7 م، كانت الإمارة الأرمنية شبه مستقلة ومستقلة في بعض الأحيان وتُحكم من قبل الأمراء الأرمن. لكن هذه الإمارة، التي أسسها ثيودوروس، كانت لا تزال ضعيفة لأن الأمراء الأرمن لم يرغبوا في رؤية حكم مركزي في البلاد. وعندما قام العرب بأول هجوم على أرمينيا في عام 640م، لم تتمكن أرمينيا من المقاومة كما يجب فمنح إمبراطور الروم قسطنطين ثيودوروس رشتوني لقب بطريق للحيلولة دون تقدم الجيوش العربية. غدر به القائد البيزنطي توما واعتقله وأرسله إلى القسطنطينية لكنه قفل راجعاً بسرعة إلى الوطن معززاً بعد تبرئته. ورغم وصوله إلى بعض الانتصارات ضد العرب، إلا أنه كان يشعر بكره شديد ضد سياسة بيزنطة الماكرة فعقد حلفاً مع الخلافة العربية في عام 652م. وكانت خطوته هذه ظاهرة استثنائية في التاريخ الأرمني القروسطي لأنه فضّل مصالح الدولة الأرمنية على الصداقة المهلهلة مع إبراطورية مسيحية ماكرة.

قام حاكم سوريا معاوية بتعيين ثيودوروس رشتوني حاكماً على أرمينيا التاريخية وشرقي جيورجيا وبلاد آران وباب الأبواب (ولاية أرمينيا العربية لاحقاً) باسم الخلافة. اتجه الأمير الأرمني إلى دمشق بعد اجتياحات البيزنطيين في عام 653م واجتياحات العرب في عام 654م وتوفي هناك ونقلت جثته إلى أرمينيا ودُفن في رشتونيك.

ـ المؤرخ الأرمني سيبيوس من القرن 7 م، ص 110-154، بالأرمنية.

ـ آرام تير-غيفونديان، أرمينيا والخلافة العربية، بالروسية، ص 23-36.

ـ غازاريان، أرمينيا تحت حكم الإمبراطورية العربية، ص 34-37، بالألمانية.

(22) بناء على الكتاب المقدس، ينحدر العرب من هاجر زوجة إسماعيل بن إبراهيم. لذلك، يدعو الأرمن العرب بـ “أبناء إسماعيل” أو “إسماعيليون” أما الشعب بـ “بنو إسماعيل”.

(23) يشير إلى هجوم العرب في عام 642-643م عبر آذربيجان.

(24) هي منطقة كارني في باسفرجان التي تقع غربي ماردوتسايك (مارداستان).

المصدر: “تاريخ غيفوند”، المؤرخ الأرمني من القرن 8 ميلادي، ترجمه عن الأرمنية: الدكتور ألكسندر كشيشيان، حلب 2010، والتي ينشرها موقع (أزتاك العربي للشؤون الأرمنية) تباعاً.

 

Share This