كتاب “تاريخ غيفوند”، المؤرخ الأرمني من القرن 8 ميلادي (3)

الفصل الثالث

علم الأمير ثيودوروس في السنة الثالثة من حكم قسطنطين، حفيد إمبراطور الروم هرقل، أن العدو هاجم بلادنا (25) مصطحباً جيشه وهو يتطلع إلى احتلال مضائق طريق دزورا (26) لكنه لم يفلح في الوصول قبلهم لأن الأعداء هاجموا بسرعة كالثعابين المجنحة تاركين خلفهم الجيش الأرمني وتقدموا نحو العاصمة دفين (دبيل حسب لفظ العرب-المترجم) فوجدوا المدينة خالية من رجال مؤهلين للاشتراك في الحرب لأن الجميع ذهبوا مع الأمير ثيودوروس ولم يبقَ فيها سوى النساء والأطفال وجمع غير منظم. وصلوا إلى المدينة واحتلوا قلعتها مباشرة وقتلوا جميع الرجال فيها وأسروا 35,000 من النساء والأطفال.

أمام كل ذلك، مَنْ باستطاعته أن ينوح بشكل لائق على التعاسة التي خلفتها النكبة لأن الجميع كانوا في حال يرثى لها ولا يمكنهم الخروج منها. إن الكنائس، التي كان على المشركين عدم الولوج إليها، هّدمت وتحولت إلى خرائب وأضحت موطئ قدم للطغاة وذُبح الخوارنة والشمّاسون والموظفون بسيف الأعداء العتاة غير الرحيمين. سيدات عديدات عشن في رغد طوال حياتهن ولم يتعرضن إلى صعوبات سُحلن إلى الساحات العامة تحت تعذيب الضرب بالنبّوتات وكن ينتحبن ويولولن على ما آلت إليه أحوالهن. وقسم آخر من الأسرى بذكوره وإناثه كان في حال اضطراب وحسرة لأنهم لم يعرفوا على مَنْ يجب أن ينتحبوا أكثر: على المذبوحين بالسيف من قبل الطغاة أم على الناجين من الذكور والإناث الذين سيقوا لتغريبهم عن إيمان المسيح والتسبيحات الإلهية الروحية. ورغم بكاء العديدين ونحيبهم على الجثث المضرجة بالدماء والموضوعة فوق بعضها بشكل يبعث على الشفقة، لم يكن بوسعهم جمع جثثهم ودفنها. ونجد ضرورياً الاستشهاد بكلمات الرسول حول النحيب عندما قال: “إلهي، دخل المشركون إلى مُلكك ودنّسوا معبدك المقدس وألقوا جثث خدّامك فريسة لطيور السماء الجارحة ورموا أجساد قديسيك أمام الوحوش الضارية ولم يكن هناك أحد لمواراتهم تحت الثرى (27)”.

أما جيش الأرمن بأمرائه والأمير ثيودوروس، وعندما رأوا ضغوطات اللصوص الشديدة، وهنت أيدي المحاربين ولم يتمكنوا من مهاجمة العدو الغاصب. ورغم أسر نسائهم وأطفالهم، لم يتمكنوا من مواجهته لقلة عددهم فقعدوا ينتحبون ويبكون قدر نسائهم وأولادهم. أما أبناء هاجر، فقد قاموا بسوقهم إلى سوريا ولم يعودوا إلى بلاد الأرمن مدة 10 سنوات. بعد ذلك، جمعوا جيشاً في السنة 36 من حكمهم واجتاحوا بلاد أرمينيا ثانية وكان يقودهم عثمان وعقبة. وعندما دنوا من حدود أرمينيا، انقسم جيشهما إلى 3 أقسام: اتجه قسم نحو فاسبوراكان (باسفرجان حسب لفظ المؤرخين العرب-المترجم) واحتل بعض القصبات والقلاع الممتدة حتى مدينة نخيتشيفان (نشوى حسب لفظ العرب-المترجم). وسار قسم آخر إلى تارون والقسم الثالث وصل إلى كوغوفيت وطوّق حصن أردزاب. اكتشف الأعداء مدخل القلعة وصعدوا على سورها في الليل سراً، لأن الحراس كانوا نائمين، وقاموا باحتلاله. ثم قاموا بشد وثاق الرجال والاختلاط مع النساء ببذاءة وجموح.

إلا أن الله، الذي يرى كل شيء، أشفق على الذين يؤمنون به ولم يتخلَ عنهم فأرسل ثيودوروس رشتوني للثأر بسبب تلك الممارسات الشريرة فهجم بسرعة كالنسر مع 600 من مغاويره المدججين بالسلاح وانقص على العدو السالب وقتل منه 3,000 شخصاً وحرر الرجال من أصفادهم وفر باقي جنود العدو. أعاد المحاربون الأرمن إلى السكان ما سلبه منهم العدو من غنائم وعادوا من حيث أتوا ممجدين الله الذي أخذ بثأرهم من الأعداء. وذلك الجيش (العربي)، الذي تحدثت عنه سابقاً، سار نحو سوريا مصطحباً الغنيمة الحربية والأسرى وساد السلام مدة سنتين.

 

الفصل الرابع

صعد بعد ذلك شخص يدعى معاوية على سدة الحكم فحكم 19 سنة و4 أشهر ثم توفي (28). سأتحدث عن الأمير كريكور (29) الذي كان في أيام معاوية والأحداث التي جرت في بلاد الأرمن ووفاة الأمراء.

بدأ أمير التاجيك (العرب) في تجهيز جيش في السنة الأولى لحكمه والسنة 15 لحكم الإمبراطور قسطنطين، حفيد هرقل، لاجتياح بلاد الأرمن. عندما علم الملك قسطنطين ذلك، أمر قائده في جهات كيليكيا القيام ضدهم وأقال الأمير ثيودوروس من الحكم بسبب مكره ضد القائد بروكوب وعين مكانه سمبات (30) من عائلة الأمراء البقراتونيين وأرسله مع قائده وكتب إلى ثيودوروس رشتوني (31)، الذي كان أمير الأرمن سابقاً، قائلاً: “قم مع القوات الموجودة تحت إمرتك وحارب معنا”. إلا أن هذا لم يحبذ الحرب. فكتب ثانية: “عند عدم قيامك ضد العدو برفقتنا، سننهي سلالتك من بين سلالاتنا عند عودتنا من هناك”. فارتعد (ثيودوروس) من هذا الوعيد، فسلّح ابنه فارد كي يذهب مع الأمير سمبات وأوصاه باللجوء إلى المكر ضد الأصحاب والاتفاق مع الأعداء. اتجه هذا نحو قائد الروم وسار الجميع نحو سوريا بعد عبور الفرات. تقرّب ابن ثيودوروس من القائد وطلب منه تعيينه مسؤولاً عن السفن.

عندما اصطدم الطرفان بعد بدء الحرب، تعزز جيش التاجيك ثانية في يوم السبت العظيم من العيد فعرّض قوات الروم إلى الهزيمة. وعندما أيقن ابن ثيودوروس بنصر إسماعيل، عبر إلى الطرف الآخر من النهر بجسارة وقطع أوتار الجسر للحيلولة دون إنقاذ الفارين فأحاط هؤلاء (العرب) بجيش الروم وأغرقوا بعضهم في النهر وأُنقذ بعضهم الآخر فهربوا إلى بلادهم. يئس ملك الروم بعد ذلك لأنه أدرك أن فشله في الحكم هو من عند الله ولم يهاجم أبناء إسماعيل بعد ذلك قط.

أما أمير الإسماعيليين، فقد أرسل مرسوماً إلى بلاد الأرمن قائلاً: “إنْ لم تدفعوا الجزية أو تدخلوا تحت سيادتي سأقوم بقتلكم جميعاً بالسيف”. فقام كاثوليكوس الأرمن نرسيس (32) عندئذ، باني (كنيسة) القديس كريكور، بعقد اجتماع وقرر أمراء بلادنا دفع الجزية لدولة الإسماعيليين المستبدة. وطلب هؤلاء رهائن فقدموا لهم أميرين: كريكور من عائلة الماميكونيانيين وسمبات من عائلة البقرادونيين. قادوا هذين الشخصين إلى أمير التاجيك معاوية الذي عيّن جزية سنوية على بلاد الأرمن مقدارها 500 درهماً وبالمقابل سيقطن كل فرد في موطنه بأمان.

استدعى معاوية كريكور وسمبات في السنة الثانية لحكمه، اللذين كانا رهينتين في البلاط، ومنح كريكور شرف حكم بلاد الأرمن وبعثه إلى بلادنا أرمينيا بإجلال كبير وساد السلام في أيام حكمه.

حكم بعده ابنه يزيد (33) الذي عاش سنتان وخمسة أشهر ثم توفي. قام بدوره بجباية الجزية من بلاد الأرمن بالمقدار الذي جاء ذكره في الأعلى.

حكم بعده مروان بن عبد الملك (34) مدة 21 سنة وتوفي بعدها. وكانت صفاته كالتالي: كان مستبداً ومحارباً شرساً فانفجرت اضطرابات عظيمة بين التاجيك في السنة الثانية لحكمه وجرت معركة وسالت دماء واشتدت الحرب طوال 3 سنوات تقريباً وزاد عدد القتلى بأعداد لا يمكن إحصاؤها (35) إلى حد تحققت نبوءة داود الذي قال: “ستُغرس سيوفهم في قلوبهم وتُهشّم أقواسهم” لأن دم الثأر أُهرق عوضاً عن دم أمتنا المسيحية البريئة وأخذ الرب بثأره منهم بأيديهم مقابل تحقير خدّامه.

أما أمير الأرمن كريكور، فقد فرض السلام في بلاد الأرمن في سنوات حكمه من جميع أشكال العداوات والهجمات. كان إنساناً يخاف الله ومحباً للأشقاء والغرباء ومداوياً لأحوال الفقراء وكاملاً في إيمانه بالرب وقام ببناء دار عبادة في ناحية آروج (36) في مقاطعة أراكادزوتن وهي كنيسة جميلة مزدانة بأناقة لتمجيد اسم الخالق.

توقفت أرمينيا وفيرك (شرقي جيورجيا-المترجم) وآران عن دفع الجزية أثناء الاقتتال الذي جرى بين التاجيك بعد خدمتهم لهم مدة 30 سنة. استمرت الثورة مدة 4 سنوات. احتل الشعب الشمالي، الذي يدعى الخزر، بلاد الأرمن في السنة الرابعة (37). قام هؤلاء بقتل الأمير كريكور أثناء الحرب إلى جانب عدد كبير من الأمراء الجيورجيين والآرانيين ثم اجتاحوا مقاطعات ونواح عديدة في بلاد الأرمن وقاموا باحتلالها وقفلوا عائدين إلى بلادهم بعد اصطحاب الغنائم والأسرى.

الفصل الخامس

حول حكم آشوت (38) ووفاته والحرائق التي سببها الهوروم (39).

بعد وفاة كريكور، تحولت السلطة إلى البطريق آشوت الذي كان رجلاً جليلاًً والأكثر ترجيحاً بين أمراء أرمينيا وكان من سلالة البقراتونيين بسلطتهم الغنية الباهرة. كان متيقظاً جداً في تصرفاته الدنيوية ويحب الفضيلة والأشرف بينهم وعلى علم بمخافة الله ويعتني بجميع الأعمال الخيرية ومجدّاً في التعلّم وكان يزيّن كنائس الله برهبان مفوّهين وجموع الموظفين الكنسيين ويكرمها بآنية مرموقة من كنوزه. شيد في قصبته كنيسة داريونك ووضع فيها صورة المسيح البشرية الباهرة الحية التي جاء بها من الغرب وباسم المسيح أيضاً كرّس الكنيسة. ظهرت نجمة بمظهر غريب وشعر كثيف في السنة الأولى لحكمه وإكليل نور يتلألأ خلفه كالعامود تدعى نجمة مذنّبة. وكانت هذه النجمة إشارة جدب وسيف وزلزال كبير.

بعث الإمبراطور جوستنيان (40) في السنة الثانية من حكمه وفي عهد البطريق آشوت جيوشاً جرارة ضد بلادنا أرمينيا وقامت بتخريبها عبر السلب والنهب. وبعد إضرام النار في أبنية عديدة رائعة، قفلت عائدة إلى بلادها. وبسبب معاداة زعماء الروم لجوستنيان هذا، قاموا بجدع أنفه ثم نفيه وتوّجوا ليو (41) وأبسيميروس تيبير (42) وثيودوس (43) عوضاً عنه. أما جوستنيان، فقد اتجه إلى بلاد الخزر واقترن من ابنة ملكها وطلب منه قوات لدعمه. أرسل هذا قوات كبيرة اصطحبها جوستنيان مع ابن حميه ترويعي (44) الذي كان شخصية قوية. بعد وصوله إلى القسطنطينية، حارب (جوستنيان) أعداءه وتغلب عليهم وعاد إلى حكم البلاد. توفي ترويعي أثناء الحرب وأعاد جوستنيان القوات الخزرية إلى بلادهم محملين بهدايا كبيرة جداً وأشياء ثمينة.

احتفظ آشوت بحكمه مدة 4 سنوات وفي السنة الرابعة هاجمت جماعة من أولاد إسماعيل بلادنا أرمينيا. وكان هؤلاء أولاد زنى وطغاة بسبب ممارساتهم في مقاطعات الماريين: في خرام وجوغا وخوشاكونك وكانوا يعذبون الرجال طلباً للجزية ويحاولون هتك أعراض النساء بفجورهم المقرف. وصلت أخبار تصرفاتهم الشريرة إلى الأمير آشوت فأمر الجيش بالتحرك ضدهم في الحال فقاموا بقتلهم بالسيوف ولجأ الباقي إلى الفرار. ولكن روح الشيطان الماكرة، التي رأت أن ضربة العدو كانت شديدة، أمر قواته بعرض الغنيمة على الساحة أمام ناظري جيش الأرمن فتوقف عن ملاحقة هؤلاء واجتمعوا حول الغنيمة دون تبصّر. وكان الأمير آشوت يلاحقهم لوحده مع بعض الجنود. شعر الأعداء بقوتهم ثانية والتفتوا نحوه وقاموا بجرحه فعلت صرخة عالية في الجيش وعاد الجنود إلى ملاحقتهم ووصلوا إلى الأعداء وقاموا بقتلهم. ثم حملوا الأمير وجاؤوا به إلى كوغوفيت إلا أنه توفي في فراشه ودُفن في قرية داريونك مثواه الأخير.

شروحات:

(25) يعود غيفوند هنا إلى الخلف ويصف اجتياح عام 640م بناء على ما جاء لدى المؤرخ الأرمني سيبيوس لكنه ينتحب على الشرور التي سببها العرب في أرمينيا.

(26) هذا ممر جورا على جبال تافروس على الطريق المؤدية بين باغيش وأخلاط.

(27) هذه المعلومة أن العرب عادوا للهجوم بعد 10 سنوات هامة جداً لأنه يذكر بذلك تاريخ هجوم القوات العربية في عام 650م.

(28) كان معاوية حاكم سوريا بين 640-650م ومن السلالة الأموية كعثمان ووصل إلى مواقع متقدمة في الحكم. ثار معاوية ضد الخليفة علي 656-661م وانتصر عليه وتربع على عرش الخلافة 661-680م وجعل دمشق عاصمة له عوضاً عن المدينة وشدد الكفاح ضد بيزنطة.

  Ph. Hitti, History of the Arabs, p.199-201.

(29) كان كريكور ماميكونيان حامل لقب أمير الأرمن في القرن 7 م والحاكم الألمعي بين جميع الأمراء الذين تبوأوا هذا المنصب. كانت أرمينيا في السنوات 639-693م إمارة مستقلة سياسياً لكن لا يحكمها الأمراء وراثياً بل كانوا يُنتخبون من قبل مجلس الأمراء ثم يوافق عليه إمبراطور بيزنطة أو الخليفة العربي. تشكلت الإمارة الأرمنية في عهد ثيودوروس رشتوني بعد توحيد شطري أرمينيا التاريخية البيزنطية والفارسية. ضُمت إلى أرمينيا الموحدة أيضاً منطقتين أرمنيتين آخريين هما سيونيك وأرتساخ (قراباغ الحالية-المترجم) في عهد الأمير هامازاسب ماميكونيان.

ارتبطت أرمينيا شكلياً بالخلافة العربية وكانت تدفع لها 500 ديناراً ذهبياً سنوياً وحوّل كريكور ماميكونيان البلاد إلى منطقة محايدة وساهم في ازدهار حياتها. ازدهرت مدن أرمينيا، الواقعة على طول وادي نهر آراكس على وجه الخصوص، لوجود طريق تجارية نشيطة في نخيجيفان ودبيل وفاغارشابات ومارميت (يرفانتاشات) وكارين وغيرها. ازدهرت في أرمينيا هندسة العمارة أيضاً في هذه الفترة وشُيدت أوابد ككنيسة زفارتنوتس وهريبسيميه وكاييانيه وآروج وطالين وسيسيان وأودزون وتطورت العلوم التاريخية (المؤرخان سيبيوس وآنانيا شيراكاتسي).

لم تكن لأرمينيا عاصمة دائمة في هذه الحقبة رغم أن دبيل كانت مدينتها الرئيسية. وكان كل أمير متمركزاً في مقاطعته: ثيودوروس رشتوني في آختامار وهامازاسب وكريكور ماميكونيان في آروج. أما آشوت بقراتوني، ففي داريونك.

كان جوهر جيش الأرمن مشكلاً من 15,000 فارس وكان قادته من الأمراء في القرن 7 م كالتالي:

ـ مجيج كنوني                   629-633م

ـ دافيت ساهاروني              633-639م

ـ ثيودوروس رشتوني           639-654م

ـ هامازاسب ماميكونيان         654-661م

ـ كريكور ماميكونيان           661-685م

ـ آشوت بقراتوني               685-689م

ـ نرسيه كامساراكان            689-693م

ـ سمبات بقراتوني              693-701م (للمرة الأولى)

آرام تير-غيفونديان، أرمينيا والخلافة العربية، ص 49-51، بالروسية.

(30) هناك بعض الخلط عند غيفوند لأن المؤرخ الأرمني سيبيوس يضع تعيين فاراجتيروتس أميراُ لأرمينيا في أربعينيات القرن 7 م عوضاً عن ثيودوروس رشتوني.

(31) كان ثيودوروش رشتوني متوفياً أثناء أحداث ستينيات القرن 7 م منذ زمن بعيد وكان غيفوند في حال التباس فوضع معلومته، التي استخلصها من سيبيوس أو غيره من المصادر، في مكانها غير الصحيح.

(32) كان كاثوليكوس الأرمن نرسيس الثالث دييتسي أو إشخانيتسي 641-661م شخصية مرموقة جداً في حياة أرمينيا السياسية وكان موالياً للبيزنطيين والخلقيدونية وعلى خلاف دائم مع الأمير ثيودوروس رشتوني. ابتنى كنيسة القديس كريكور المعروفة بكاتدرائية زفارتنوتس (كنيسة الملائكة) غير البعيدة عن عاصمة أرمينيا القديمة فاغارشابات. تُشرح هذه التسمية المزدوجة من قبل المؤرخ الأرمني سيبيوس بظهور الملائكة للقديس كريكور وهو المكان الذي قابل فيه الملك الأرمني تردات كريكور على طريقه إلى العاصمة فاغارشابات.

ـ تاريخ سيبيوس، ص 120، بالأرمنية.

(33) حكم الخليفة يزيد الأول في الأعوام 680-683م.

(34) الخليفة عبد الملك 685-705م هو المؤسس الحقيقي للخلافة العربية القوية. أخضع عصيان عبد الله بن زبير وأقام دولة موحدة تمتد بين المحيط الأطلسي وحتى الهند. أضحت العربية لغة الدولة الرسمية في عهده وبُديء بضرب النقود النحاسية (الفلوس) والفضية (الدراهم) والذهبية (الدنانير) بكتابات عربية وانتظمت الضرائب واشتدت أمور جبايتها. أشتهر في أيامه نائبه الحجّاج في المناطق الشرقية كحاكم مستبد.

(35) يعود الحديث إلى ثورة عبد الله بن زُبير التي انفجرت قبل استلام عبد الملك الحكم وتم إخضاعها في عهده.

(36) كاتدرائية القديس كريكور في أروج من الأنصاب المعمارية الأرمنية الشهيرة التي شيدت في ستينيات القرن 7 م حسب الكتابات على جدرانها وشهادات المؤرخين الأرمن مثل غيفوند وهوفهانّس دراسخاناكيردتسي وستيبانوس تارونيتسي أصوغيك في عهد الأمير كريكور ماميكونيان. تم الكشف عن أطلال قصر الأمير أثناء التنقيبات المنجهية حول الكنيسة في عام 1948-1951.

ـ فارازدات هاروتيونيان، آبدة مدنية جديدة من القرن 7 م، تقرير أكاديمية علوم أرمينيا، عدد 8، 1953، بالأرمنية.

(37) ظهر الخزر في أوروبا الشرقية وكانوا يقطنون في شمالي-غربي بحر قزوين بعد اجتياحات شعوب الهون في القرن 4 م وأقاموا دولة في القرن 7 م تسمى الخاقانية وكانت عاصمتهم ساماندار في داغستان حتى بداية القرن 8 م ثم مدينة إيتيل في حوض نهر الفولكا الأسفل. كانت الدولة الخزرية في حال حرب مع إيران الساسانية فعقدت معاهدة مع بيزنطة وحاربت القوات العربية متحالفة مع الروم أيضاً. احتل الخزر كامل القفقاس الشمالي وقسم من القرم. وكانت اجتياحاتهم متكررة مخترقين الجبال القفقاسية جنوباً حتى المناطق المتاخمة لبحر قزوين (شيرفان). حاول أمير الأرمن كريكور ماميكونيان دعوة تلك القبائل المتوحشة: الهونيين والخزر، لاعتناق الدين المسيحي بإرسال وفد برئاسة راهب أرمني إلا أن النتائج كانت وقتية. وكان النجاح في هذه المسألة للبيزنطيين إلى حد معين عندما أسسوا مطرانيات في 7 من مناطق هؤلاء كانت إحداها في العاصمة إيتيل. ومن جهة أخرى، كان العرب بدورهم يجاهدون لاعتناق هؤلاء الإسلام إلا أن الخزر لم يعتنقوا أية من هاتين الديانتين، بل فضّلوا الموسوية (الدين اليهودي) التي أعلن عنها الخاقان ديناً رسمياً للدولة في القرن 10م. انهارت دولة الخزر وزالت في نهاية هذا القرن بسبب الهجمات المستمرة عليها من كل حدب وضعف الأوضاع الداخلية.

ـ أرتامانوف، خاقانية الخزر، الموسوعة التاريخية السوفياتية، الجزء 15، موسكو-1974، ص 483-484، بالروسية.

(38) حافظت أرمينيا على استقلالها في عهد أمير الأرمن آشوت بقراتوني 685-689م وكان مركزه مدينة داريونك التي لعبت دور العاصمة مدة 100 سنة بعده بسبب تمركز سلطة البلاد بيد البقراتونيين تدريجياً.

(39) تشير كلمة “هوروم” في نص المؤرخ غيفوند إلى شرور البيزنطيين حسب رأي المؤرخ الأرمني الشهير ك.باتكانيان.

(40) حكم الإمبراطور جستينيانوس لفترتين: 685-695م و705-711م. عاد إلى شن الحروب ضد العرب، لكنه تعرض للهزيمة.

(41) بعد عزل جستينيانوس عن العرش ونفيه خلفه ليونيتوس 695-698م.

(42) بعد أن أصبح الأدميرال أبسيماروس إمبراطوراً 698-705م سمّي بتيبيريوس الثالث ومن المحتمل جرى اعتبار الاسمين لشخصين مختلفين أثناء تجهيز المخطوطات في القرون الوسطى.

(43) أصبح ثيودوس أو ثيودوسيوس الثالث 715-717م إمبراطوراً لا خليفة لليونيتيوس أو تيبيريوس، بل بعد الفترة الثانية لعزل جستينيانوس. خلف فاردان فيليبّيك 711-713م (وأصله أرمني) هذا الأخير ثم أناستاسيوس الثاني 713-715م وثيودوسيوس هذا واغتصب منه الحكم ليو الثالث 717-741م مؤسس السلالة الإزاورية.

ـ تاريخ بيزنطة، الجزء الثاني، ص 46-48، بالروسية.

(44) ترويغ هو خان البلغار تيرفيل 701-718م وليس له أية علاقة بخاقان الخزر. وصل جوستنيانوس إلى بلغاريا في عام 705م من عند الخزر وأقنع تيرفيل واصطحبه معه لاحتلال القسطنطينية. وبعد الانتصار، انسحب البلغار وعاد تيرفيل واجتاح القسطنطينية بعد عزل جوستنيانوس للمرة الثانية. وعندما حاصر العرب المدينة في عام 716م، ظهر تيرفيل خلف خطوطهم وأكرههم على التقهقر. وبناء على المؤرخ ثيوفانس اليوناني، وعد جوستنيانوس تقديم ابنته زوجة للملك البلغاري ويؤكد المؤرخ الأرمني غيفوند على ذلك.

ـ تاريخ بيزنطة، الجزء 2، ص 45-46، 50، بالروسية.

ـ أرتامانوف، تاريخ الخزر، ص 197، بالروسية.

المصدر: “تاريخ غيفوند”، المؤرخ الأرمني من القرن 8 ميلادي، ترجمه عن الأرمنية: الدكتور ألكسندر كشيشيان، حلب 2010، والتي ينشرها موقع (أزتاك العربي للشؤون الأرمنية) تباعاً.

Share This