بحيرة سيفان في أرمينيا جنة الله على الأرض وأعجوبة مكسيم غوركي

(الزمان) تتجول في بلد الكنائس والمتاحف والمشاهير (4)

احمد عبد المجيد

يجمع المسطح المائي الذي يتشكل على هيئة بحيرة كبرى والمسمى سيفان، بين الوظيفة الاروائية التقليدية لبعض

الاراضي الزراعية والجمال الطبيعي الاخاذ الذي جعله بحقلوحة ربانية او جنة سياحية على الارض.

وتعد البحيرة التي تبعد عن يريفان نحو ساعة احدى اعلى البحيرات في العالم. ويبلغ ارتفاعها الفي متر عن سطح البحر، وتشغل مساحتها المائية نحو 5  بالمئة من مساحة البلاد، وهي من بحيرات المياه العذبة في العالم.

وساعة وصلنا اليها كانت رياح شديدة قد هبت بحيث اصبح من المتعذر على راغب ان يمارس السباحة فيها، برغم ان هذه الهواية تجربة فريدة في الايام الحارة. وباستثناء الزوارق السريعة التي تعوم فيها وبعض القوارب السياحية لم نصادف مغامرا واحدا يسبح في مياهها. لقد افقدت الرياح التيصاحبها هطول امطار متوسطة، القادمين وبعضهم يسكن مجمعات سياحية مخصصة للاقامة الطويلة، متعة العوم في مياه منعشة تتراوح حرارتها بين 18 – 22 درجة مئوية، وتمتاز  بانها خالية من الملوحة.

وعندما تكون السماء صافية تكتسي البحيرة لونا فيروزيا. وتنقل بعض الروايات عن الروائي السوفياتي العالمي مكسيم غوركي تشبيهه لبحيرة سفان بانها (قطعةمن السماء نزلت الى الارض لترتاح بين الجبال). والطبيعة الجبلية لارمينيا حافلة بمناظر خلابة، لكني رأيت ان الجبال المحيطة بالعاصمة، تبدو شبه جرداء، قريبة الشبه بجبال مدينةالسليمانية التي من النادر ان تغطيها الاشجار.

وقد يكون السبب قسوة المناخ او طبع البشر. ويعتقد اكاديمي كردي صديق من السليمانية ان الاهالي كسالى لم يبادروا الى زراعة اشجار على سفوح جبال أزمر لتبدو خضراء زاهية.

امابالنسبة لارمينيا فان الجبال تخلع ثوبها الاجرد لتكتسي لونا مختلفا نتيجة كثافة الاشجار، وبعضها معمر وباسق جدا، وهو ما جعلها قبلة انظار علماء الاحياء بسبب تنوعها البايولوجي وثراءحياتها البرية، فهناك حشرات وابرزها النحل الذي يهتم بتربيته المزارعون ورعاة الكنائس وينتجون منه كميات كبيرة تعرض للبيع لدى بسطيات الاهالي او خدم الاديرة. كما يلفت نظرالعلماء الى انواع فريدة من الزواحف والزهور في ارمينيا.

وحقا ان هذا البلد لا يزخر بانتاج افخر واجمل انواع الزهور حسب، بل هو يتحلى بثقافة تواصل، تجعله يقبل على شراء الزهور ويقدمها في المناسبات المختلفة. وغالبا ما كنت اصادفاشخاصا من مختلف الاعمار وهم يحملون باقات من الزهور في الشوارع ويتجهون الى مقاصدهم لتقديمها الى مريض او متعاف عنده مناسبة من المناسبات السعيدة، كالاعراس واعيادالميلاد واللقاءات الوجدانية. ولهذا وجدت اكشاك الزهور وباعتها تتوزع بين الشوارع بكثافة. ومن الفوارق بيننا وبين الارمن ان مطاعمنا مبالغ في اعدادها حتى يقال (بين مطعم ومطعميقع مطعم)، فيما هم ينطبق عليهم وصف (بين كشك زهور واخر كشك زهور). بل واحيانا تعرض نساء مسنات زهورا مقطوفة من حدائقهن على الارصفة باسعار زهيدة جدا. والى جانبامور اخرى كالمساحات المتاحة وانسيابية الطريق فان رياضة المشي تحظى باهتمام، ولاسيما بين الازواج في عمر الخريف. فالمنظر مغر والحيوية موجودة والمجال مفتوح ولا عوائقكونكريتية او (بسطية) نسبة الى البسطيات، على الارصفة في شوارعنا، تحول دون المضي في متعة المشي يوميا وفي جميع الاوقات.

وقرأت ان (اكتشاف ارمينيا من منطقة الى اخرى مشيا هو النزهة المفضلة، فيشعر الانسان وكأنه في رحلة العودة الى الجذور لاكتشاف الارض كما خلقها الله).

ومن العوامل المساعدة على ممارسة هذه الهواية كثرة وجود مصادر شرب الماء. فقد وضعت البلدية نافورات مائية تنطلق من قوالب مصبوبة وسط الحدائق او على جوانب الطرق. والماء الذي يروي المارة،عادة، نظيف لا يمكن تلويثه لانه جار ومتدفق وبارد وكانه يخرج من براد كهربائي.

 ولطالما تساءلت وانا ارتوي من مياه السبيل، هذه، لماذا نفتقر الى خدمات من هذا النوع في العراق ؟ ولماذا نضع مصادر قابلة للتلوث احيانا، ولاسيما خلال الزيارات الدينية،كالمستودعات المفتوحة والاواني الفخارية، التي قد يقبل البعض على ارواء عطشه منها بحشر بوزه او غرف الماء بيده

 

Share This