كتاب “تاريخ غيفوند”، المؤرخ الأرمني من القرن 8 ميلادي (11)

 

الفصل الثامن والثلاثون

كما سمعنا، بعث الأمير الإسماعيلي رسلاً متبجحاً، ورغبة منه في بث الرعب، أرسل معهم كروانان (من الأوزان الأرمنية ويساوي كل كروان= 61,5 كغ-المترجم) من بذور الخردل وكتب إلى ملك الروم قائلاً: “سأبعث جموع قواتي ضد بلادك على وجه السرعة بعدد حبات الخردل ولنرى هل تتسع مساحة بلادك بحيث تستقبل جموع قواتي الجرارة؟ لذلك، فإنْ تملك القوة بين يديك فاستعد لمحاربتي”.

لم تضطرب أفكار الإمبراطور بعد أن قرأ الرسالة، بل كتب إليه بذهن ثابت قائلاً: “ليس البشر هم الذين يحصلون على النصر، بل الله هو الذي يمنحهم ذلك وبوسعه تحويل جيشك غذاءً لجيشي كحبات الخردل التي بعثت بها فقم ونفّذ ما تعهدتَ به وليتحقق ما يسرّ الله”. أمر الإمبراطور في الوقت ذاته بنقل سكان القرى إلى المدن والتحصينات والأبراج المحصنة. أما الأمير الإسماعيلي، فقد جمع جيشاً كبيراً وعيّن الشخص الذي ذكرناه في الأعلى قائداً وأرسله ضد بلاد الروم بصحبة هذه الجموع. وصل هؤلاء إلى بلاد الكاغاداتسيين وطوقوا المدينة الواسعة التي تدعى آموريا وتمركزت الجموع وأبقت المدينة محاصرة مدة 3 أشهر إلا أنها فشلت في احتلالها لأنها كانت محصّنة بسور. ولم يكن محيط المدينة أقل فائدة للمقاومة لأن منبع نهر ساكاريس كان يقع حولها لذلك فإن وحل المستنقع كان يعزز من متانة تحصينات المدينة ففشل جيش العدو في القيام بأي شيء خلا التطويق. فجمع يزيد، الذي كان حاكم بلادنا أرمينيا، جيشه وذهب لدعم القائد عباس واتجه إلى أطراف بونتوس ووصل إلى كوغونيا، المدينة-القلعة، ومقاطعات كوفاتان وكاستيغون وماريتينيس فشن الحرب ضدها إلا أنه لم يحصل على أية نتيجة فقفل راجعاً إلى أرمينيا يلفه عار كبير. ابتعدت قوات الأمير الإسماعيلي بدورها عن مدينة آموريا وفكّت حصارها وعادت إلى بلادها.

الفصل التاسع والثلاثون

علينا أن نروي أيضاً هذه الحادثة.

في السنة 7 لمحمد (135)، توفي الإمبراطور ليو بن قسطنطين وخلفه على العرش ابنه اليافع قسطنطين. وعندما سمع الأمير الإسماعيلي محمد بوفاة ملك الروم، جمع قوات كبيرة وعين ابنه هارون قائداً لها وأرسله ضد بلاد الروم. وعندما وصلت قوات الإسماعيلي إلى بلاد الروم، قامت قوات الروم بسد الطرق مباشرة فلم تتمكن قواته من فك الحصار لتأمين الغذاء فحدثت مجاعة بين صفوفها.

أما الأمير طاجات بن كريكور (136) من عائلة الأندزيفاتسيين، الذي تحدثنا عنه سابقاً، فقد كان قد هرب من الأمير الإسماعيلي لعند قسطنطين في بلاد الروم في وقت ما، فاستقبله الإمبراطور بفرح كبير وأكرمه كثيراً لبسالته الكبيرة وخاصة أنه كان قد سمع عن شجاعته سابقاً. وقد برهن على بسالته للإمبراطور مباشرة في أطراف السرمديين أي البلغار وعاد حائزاً على انتصار عظيم. وعندما رأى الإمبراطور شجاعته، عينه قائداً على 60,000 مقاتل فخدم الإمبراطور مدة 22 سنة. وبعد وفاة قسطنطين وابنه ليو (137) وصعود قسطنطين على العرش، كانت الملكة والدة الإمبراطور تعامله باستخفاف، لذلك مد يده إلى الأمير الإسماعيلي.

عندما وقعت قوات الإسماعيلي في الحصار من قبل الروم، طلب منه طاجات تعهداَ كي يعود إلى بلاده ووعده بإعتاق جنوده من الطوق وإعادتهم إلى بلادهم. وعندما سمع الأمير الإسماعيلي ذلك، حقق رجاءه على وجه السرعة وقدّم له كل شيء تحت القسم فوثق هذا بالتعهد وخرج من بلاد الروم مع عائلته وأنقذ جيش الإسماعيلي من الحصار. فسمّاه هارون بن الأمير الإسماعيلي بـ “أبي” وأظهر له احترامه الكبير. وعندما حضر طاجات أمام الأمير الإسماعيلي، استقبله استقبالاً كبيراً معبراً له عن شكره الجزيل وقدّم له هدايا سنية كبيرة من الخزينة الملكية وأرسله إلى بلاده بتكريم وأبهة كبيرتين.

عندما وصل الأمير طاجات إلى بلاد الأرمن بأمر الأمير الإسماعيلي، لم يرغب قائد البلاد (الحاكم) عثمان (138) استقباله وتنفيذ تعليمات أميره وتردد وأرسل رسلاً يعلم أميره أن الأمراء الأرمن مجتمعين لا يرغبون أن يحصل شخص على منصب الإمارة ثار ضد حكمك ومد يده إلى ملك الروم ومن الممكن أن يخون جيشنا ثانية.

رغم محاولات طاجات العديدة لإيصال أنباء عرقلة حكمه إلى أذن الأمير الإسماعيلي، إلا أنه لم يفلح في ذلك لأنهم أغلقوا جميع ممرات الطرق (139) وكانوا يعتقلون رسله المتجهين إليه. لم تصل شكواه إلى الأمير محمد وابنه هارون حتى نهاية تلك السنة. وعندما وصلت في نهاية الأمر إلى الأمير وابنه، وقع حاكم بلادنا عثمان في موقف لا تحمد عقباه فأُكره على تسليم السلطة لطاجات بناء على أمر الأمير الإسماعيلي. بعد ذلك، جمع عثمان جيش الأمراء الأرمن وسار إلى بلاد آران قرب بوابات بحر قزوين إلى مدينة تدعى دربند التي كانت قد شيدت أسواراً وتحصينات لمقاومة قوات الروم والخزر. استدعى عثمان الأمير طاجات والقائد باكارات ونرسيه كامساراكان وغيرهم من أمراء أرمينيا وعسكر في سهل يدعى كيرام ضمن ظروف القيظ الحارق وظلوا هناك طوال فصل الصيف فلم يتحملها الأمراء الأرمن وتوفوا بسبب الحر لشديد فاقدين حياتهم الدنيوية. توفي بدوره الأمير طاجات والقائد باكارات ونرسيه كامساراكان وغيرهم من القادة. فاستشاط الأمير الإسماعيلي غضباً بسبب وفاة الأمراء مع طاجات فعزل عثمان عن الحكم وأرسل شخصاً يدعى روح (140) إلى بلاد الأرمن كأمير وقائد لها. وبعد احتفاظه بالحكم مدة 8 سنوات توفي محمد أثناء وصول روح إلى البلاد.

الفصل الأربعون

بعد ذلك خلفه ابنه موسى في الحكم مدة سنة واحدة فقط.

كان هذا رجلاً شريراً ومستبداً وممسوساً بالشيطان وجامحاً. وكان الشيطان فيه يحثه بشكل كان يشعر بالنشوة والسرور باقتراف أفعال لا تجلب له السمعة الحسنة. وبدلاً من نصب دريئة للرمي، كان يستخدم الناس ويرميهم بالنبال ويقتلهم. وبعد صعوده على الحكم، أرسل إلى بلاد الأرمن شخصاً يدعى خزم (141) عوضاً عن روح كان مولعاً بالشجار وذو طباع جهنمية. وعندما وصل إلى مدينة دفين (تلفظها العرب دبيل-المترجم)، جاء جميع الأمراء الأرمن لاستقباله كذلك الأمراء الأردزرونيون هامازاسب وساهاك وميروجان. أما العدو، الذي يكره الخير، وعندما رأى عزهم وهندامهم البهي والتنظيم الجيد لمليشياتهم، قام باعتقال القادة الأرمن الشجعان وأمر بسجنهم مدة 3 أشهر مكبلين بأصفاد حديدية. ثم أرسل إلى الأمير الإسماعيلي موسى يتهمهم زوراً وحصل منه على أمرِ حرمانهم من الحياة. فبعث هذا أمر الموت والحكم غير العادل إلى السجن حيث الشهداء المعتقلون.

بعد قراءة الحكم بالموت سأل المكبلون بالأصفاد شخصاً يدعى قتيبة، وكان محبوباً جداً من قبلهم، قائلين: “كيف يمكن التخلص من الموت غير العادل الذي يتهددنا؟” فرد عليهم: “ليس هناك حلاً للتخلّص. لكنكم إنْ قمتم بالارتداد إلى ديننا والإيمان بأقوال رسولنا عندئذ فقط يمكنكم الانعتاق من الموت التآمري”. عندما سمع ميروجان هذا الأمر، ارتعدت فرائصه من الموت السريع وسلّم نفسه لنار جهنم الأبدية وحطم النير الحلو المذاق لإيمان المسيح وانفصل عن قطيع الرب ووقف أمام المحكمة المسكونية. وبما أنه قام بالارتداد هلعاً من الموت المبكر لا طوعاً، فمن المحتمل سيشفق عليه المسيح بسبب توبته النابعة من القلب.

أما الشهداء البواسل، فقد ارتدوا درع الإيمان وثبّتوا على رؤوسهم خوذة الخلاص وقالوا: “معاذ الله! أن نستبدل الحقيقة الإلهية والحياة الأبدية بالآنية والحياة الأبدية بالحياة الزائلة الوقتية وأمل الجميع بالمسيح بدمنا الذي لا قيمة له”. وهكذا كانوا يدرّبون بعضهم أثناء سجنهم قائلين: “تمتعنا بالحياة الفانية على نحو كاف لذلك أيها الإخوة لن تغرنا المناصب العالية ولا المجد الزائل بعد الآن ولا ثيابنا الباهرة المطعمة بالذهب ولا حب القريبين أو عطف الأطفال”. وهكذا، وبتشجيع كل واحد منهم الآخر أثناء حزنهم في السجن، اتحدوا مع الرب عن طريق الصلاة راجين منه وراثة الحياة الأبدية. وكان مكان التعذيب مجهّزاً بأحدث شكل بنصب خشبة بفرعين على الأرض من اليمين واليسار. وضعوا الشهيد بينهما والخشبتين تحت إبطيه ثم قاموا بربط يديه بإحكام وشرعوا في تعذيبه بشدة بضربه بالنبّوتات على ظهره حتى تمزق جسده. أما هامازاسب المعتقل في الخارج بأصفاد حديدية، فقد كان يصلي للرب في قلبه ولم تكن شفتاه تتحركان ولم يكن صوته مسموعاً، بل كان يطلب مساعدته ويلف قلبه الرعب بسبب العذاب الذي وقع فيه. قاموا بنزع أصفاده وجلبه إلى مكان التعذيب وبالشكل ذاته شدوا وثاقه بين الخشبتين وقاموا بتعذيبه بأشد الوسائل. وعندما تحمّل بدوره هذه العذابات بشجاعة، أمر الجلادين بقتلهم بالسيف فقاموا بقطع رؤوسهم. وعلى هذا الشكل فاضت أرواحهم وودعوا هذه الدنيا (142).

أمر (خازم) في اليوم الثاني تحديداً تعليق أجسادهم على الخشب وعيّن حراساً كي لا يسرق أي مسيحي جثثهم لدفنها. والقاضي المستبد، الذي لم تعرف الرحمة إلى قلبه سبيلاً، لم يلن فؤاده حتى بعد موتهم تعذيباً، بل أنزل جثث القادة من الأخشاب وأضرم فيها النيران ولم يوافق حتى على تسليم رفاتهم لدفنها بل أمر بذرها في مياه النهر. وبناء على أقوال الحوّاريين، “سيكافأ الذين تعرضوا لعذابات قاسية في هذه الدنيا بمئة ضعف في الآخرة”. وبناء على قول الرب: “كل امرئ هجر والده وأمه وزوجته وأولاده من أجل اسمي، سينال 100 ضعف في الدنيا الأخرى ويرث الحياة الأبدية”.

جرى كل ذلك في عهد موسى وحكم خازم في أيام ظهور ربنا المقدس في العام 133 من تأريخ الأرمن (143). وبعد سنة واحدة من حكمه توفي موسى.

تم قتل أمير الجيورجيين بعد تعذيبه أيضاً برفعه من رجليه وفصل جسمه الغض إلى قسمين ففارق الحياة كحمل صغير سيق إلى المسلخ. وبعد سنة من اقترافه لجميع هذه الشرور فطس موسى.

الفصل الحادي والأربعون

جاء بعد موسى شقيقه هارون (144) بن محمد الرجل الجشع والمحب للفضة.

في أيام حكمه، كان شقيقه عبيد الله يعاديه. لذلك، قسّم دولته وقدّم لشقيقه آذربيجان وأرمينيا إلى جانب شرقي جيورجيا وآران (145). وبسبب طبيعته الشريرة، عيّن على بلادنا حكاماً مستبدين جامحين لا يفكرون حتى في مخافة الله. عيّن أولاً يزيد بن مَزْيَد وبعده بقليل عبد الكبير الذي لم يعمل خيراً ولا شراً بل كان يلهم الناس بآمال حسنة. وجاء بعده شخص يدعى سليمان الأكثر استبداداً وجموحاً وإجراماً ثم عبيد الله ذاته إلى مدينة بردعة (146) وعيّن سليمان (147) كأمير لبلادنا وسلمه شعب الرب كخرفان بين الذئاب المتلفين. أما هو، فقد وضع على السكان حملاً ثقيلاً من الجزية يصعب حمله لدرجة أنهم لم يتمكنوا من إيفائها حتى في حال تقديم كل ما يملكون. أرسل سليمان إنساناً مستبداً وابن خادمة وصهره، وهو من أصل رومي يدعى أبن دوكة، الذي جاء إلى مدينة دبيل وباشر بجباية الجزية بتعريض سكان بلادنا إلى التعذيب الشرس فاجتمع جميع الأمراء والعامة من الناس مع رجال الدين والكاثوليكوس يسايي بين يديه يرجونه بتخفيف وزر الضرائب لكن دون أية جدوى لأن أمة المسيحيين سلّمت غضب الله للأعداء. فقام هذا بإرسال جباة إلى مختلف أصقاع بلادنا لجمع مبلغ مضاعف للجزية عن سنة واحدة في أقصر مدة ممكنة ونفّذ هؤلاء أوامره. ولما أفلح في تحقيق ذلك، فكّر ابن الشيطان هذا القيام في تطبيق دسيسة شريرة أخرى على وجه السرعة بوضع خاتَم من الرصاص على رقاب الجميع مطالباً مبالغ كبيرة ثمناً لكل منها حتى وصل الناس إلى الحضيض في درجات الفقر المدقع بسبب ممارسات هذا الجلاد السيء السمعة.

الفصل الثاني والأربعون

ازدادت المآسي الثقيلة ذاتها في السنة التالية لمجيء عبيد الله لأن لا أحداً كان صاحب ما يملك بعد ذلك وخاصة أن الإسماعيليين كانوا ينهبون كل شيء فترك العديدون من الأرمن قطعانهم ومواشيهم طوعاً وتحولوا إلى لاجئين بعد هربهم لعدم تحملهم قسوة المآسي بينما كان الأعداء يسوقون الحيوانات ويسلبون كل شيء. وعندما فقدوا كل ما يملكون وأضحوا عراة حفاة وجائعين ولم يجدوا سبلاً للعيش، فرّوا (148) إلى بلاد الروم. ويقال أن عددهم كان يربو على 12,000 مع النساء والأطفال وكان يقودهم شابوه من سلالة الأمادونيين وابنه همّام وغيرهما من أمراء أرمينيا وفرسانهم. ولاحق العدو المستبد الشرير (الفارين) وعبر نهر أكامسيس الذي ينبع من أطراف تايْك ويتجه نحو الشمال-الغربي ويعبر بلاد اليكيريين ويدخل إلى بونتوس. وبعد عبور النهر أرسلوا إلى إمبراطور الروم قسطنطين مباشرة يخبرونه عن مجيئهم فدعا هذا أمراءهم وفرسانهم وأكرمهم وأسكن بقية جموع السكان في مناطق جيدة ومزدهرة. أما النصف الآخر، الذين ظلوا (في الوطن)، فقد استسلموا للعبودية القاسية بسبب العوز الشديد وتحولوا إلى حطّابين وسقّائين كالكابافونيين (149).

خطط هذا الرجل، صاحب الطبيعة الشيطانية والزنديق السيء السمعة الذي عينه سليمان، في تنفيذ فكرة شريرة ثانية في عهد كاثوليكوس الأرمن يسايي (150). فكّر (ابن دوكة) في إحصاء أملاك الكنيسة وآنيتها واستدعى جميع رجال الدين إليه وأدخل الرعب الشديد في أفئدتهم مهدداً: “أُنظروا! لا تخفوا عني أي شيء، بل أظهروا كل ما لديكم. فإنْ أخفى أحدكم أي شيء ثم نقوم بكشفه، فإنه سيتحمل لا محال خطيئة ضياع روحه بنفسه”. ارتعد هؤلاء من الخطر المنذر بالمصائب فقدّموا له كل ما هو كائن في الخزائن ولم يبقَ أي شيء خافياً عليه لم يضعوه أمامه من آنية مقدسة مصنوعة بالذهب وفضة مطعمة بأحجار كريمة وثياباً ملكية كانت مهداة لهيكل الرب المقدس الممجد. وعندما رأى كل ذلك، فكّر في سلبها جميعها إلا أنه ارتد عن نيته وأخذ من النقود والثياب ما تشتهيه نفسه وما زاد سلّمه لأمناء الكنيسة وصعد على كرسي الكاثوليكوسية الأسقف ستيبانوس بعد أن قدّم رشاوى كبيرة وفرّط بما تملكه الكنيسة لتخليص قرى وخدم (الكنيسة) ودفع (الديون).

شروحات:

(135) لا يذكر غيفوند تواريخ تلك الاجتياحات ضد بيزنطة بينما جاءت واضحة لدى ابن الأثير. ومن المحتمل أن الاجتياح المذكور لدى غيفوند يعود لعام 161 هـ=9 تشرين الأول عام 777-27 أيلول عام 778م. أما “اجتياح السنة التالية”، الذي وصفه غيفوند من المحتمل جرى في عام 162 هـ=28 أيلول عام 778-16 أيلول عام 779م اشترك فيه حاكم أرمينيا يزيد أيضاً حسب شهادة المؤرخين.

تتطابق سنة محمد السابعة، التي ذكرها غيفوند (782م) مع التاريخ الذي قدمه ابن الأثير وهو 165 هـ=26 آب عام 781-14 آب عام 782م. ويذكر الإثنان أن ولي العهد هارون كان قائد الجيش العربي.

ـ ابن الأثير، الجزء 5، ص 65.

(136) ذكر غيفوند الأمير طاجات أندزيفاتسي أثناء الاجتياح الأول، وذكره ابن الأثير لكن متأخراً بعض الشيء باسم البطريق طازاد الأرمني.

ـ ابن الأثير، الجزء 5، ص 64.

يذكر غيفوند الأمراء الأرمن من القرن 8 م (أما الذين لم يذكرهم فنضعهم بين قوسين):

سمبات بقراتوني      701/703-726م

آشوت بقراتوني       732-749م

موشيغ ماميكونيان    749-753م

ساهاك بقراتوني      753-770م

سمبات بقراتوني      770-775م

(آشوت بقراتوني)    775-781م

تاجات أندزيفاتسي   781-785م

(137) يذكر غيفوند الأباطرة الروم التالين (الذين لم يذكرهم بين قوسين):

هرقل                610-641م

قسطنطين الثاني     641-668م

(قسطنطين الرابع)   668-685م

جوستنيانوس الثاني  685-695م

ليونتيوس            695-698م

تيبيريوس            698-705م

جوستنيانوس الثاني   705-711م

(فاردان فيليبّيكوس)  711-713م

(أناستاسيوس)        713-715م

ثيودوسيوس          715-717م

ليو الثالث            717-741م

قسطنطين الخامس   741-775م

ليو الرابع           775-780م

قسطنطين الرابع    780-797م

ـ تاريخ بيزنطة، الجزء 3، ص 382، بالروسية.

(138) “زعيم الأمة عثمان” هو الحاكم عثمان بن عمارة بن خُريم 783-785م. كانت علاقاته متوترة مع أمير الأرمن تاجات أندزيفاتسي. إن تلميح الحاكم العربي أن الأمراء الأرمن لا يرغبون أن يصبح تاجات أمير الأرمن من المحتمل يعود إلى تطلعات البقراتونيين الذين كانوا يحاولون إبقاء منصب أمير الأرمن حكراً ضمن عائلتهم وراثياً.

(139) كانت للخلافة شبكة واسعة للبريد وتقع جميع طرقها تحت إدارة مصلحة البريد. ولنقل الرسائل، كانوا يستخدمون الخيول والجمال والحمام الزاجل. وكان البريد يفسح المجال للبلاط العربي بالاتصال المباشر مع المقاطعات.

(140) “روح” الذي ذكره غيفوند هو حاكم أرمينيا روح بن هديم المهلّبي 785-786م.

(141) “خَزْم” المذكور كان حاكم أرمينيا ويدعى خُزيمة بن خازم الدميمي 786-787م.

(142) موقف غيفوند العدائي تجاه سلالة الأمراء الأردزرونيين الأول ليس له تبريراته. ويمكن التخمين، أن صعود قوتهم السريع في القرن 8 م أزعج حكام أرمينيا العرب: استولى الأردزرونيون تدريجياً على جميع إقطاعات سلالة الأمراء الأرمن الرشتونيين بينها جزيرة أختامار. وكان الأردزرونيون قد حصلوا قبلاً على مقاطعات الأمراء الأماتونيين أيضاً وبذلك أضحوا ألمُلاّك الحقيقيين لمناطق باسفرجان الفسيحة والسلالة الثانية بعد الأمراء البقراتونيين.

إن تلميح غيفوند أن الحاكم العربي كان يضمر شراً بعد مشاهدة عزهم وبهاء طلعتهم، يُكرهنا على التفكير أن سبب عدائه يكمن فعلاً في صعود قوة الأردزرونيين.

إن استشهاد الشقيقين الأردزرونيين ساهاك وهامازاسب أضحى موضوعاً في فن العمارة فتم نحت صورتيهما على الجدار الخارجي لكنيسة جزيرة أغتامار المكرسة للصليب المقدس في القرن 10م.

(143) بدأ التأريخ الأرمني الكبير في القرن 6 م واستخدم مدة طويلة لاحقاً. وكان المؤرخون الأرمن بين القرنين 5-7م يحسبون التاريخ بعدد سنوات حكم الملوك. لم يستخدم المؤرخ الأرمني سيبيوس من القرن 7 م التأريخ الأرمني. ورغم استخدام التأريخ الأرمني في المدوّنات منذ النصف الأول للقرن 7 م، نجد أن تثبيت حادثة تاريخية بالتأريخ الأرمني مستخدم على السطر الأخير من كتاب أنانيا شيراكاتسي ويذكر أن أمير الأرمن كريكور ماميكونيان قُتل في عام ج.ل.د. بالتأريخ الأرمني أي في سنة 695م. وهناك أمثلة عديدة حول هذه الناحية. أضحى استخدام التأريخ الأرمني طبيعياً بعد غيفوند.

ـ آرام تير غيفونديان، أرمينيا والخلافة العربية، ص 230-232، بالروسية.

(144) رغم تجسيد الخليفة هارون الرشيد 786-809م كملك عادل في “ألف ليلة وليلة”، إلا أن المؤرخين المعاصرين له يقدمون صورة مغايرة تماماً لنشاطاته. وقول غيفوند أنه كان طماعاً ومحباً للفضة، يعود للضرائب الثقيلة جداً التي فرضها على أرمينيا إلى درجة تفقير شعبها وتركه في حال يرثى لها. نقدم هنا جدول الخلفاء العرب الذين يتحدث عنهم غيفوند في كتابه:

أبو بكر             632-634م                        يزيد الثاني                720-724م

عمر                634-644م                        هشام                      724-743م

عثمان               644-656م                       الوليد الثاني                743-744م

علي                656-661م                        يزيد الثالث                744م

معاوية              661-680م                       إبراهيم                     744م

يزيد الأول          680-683م                       مروان الثاني               744-750م

معاوية الثاني        683-684م                      أبو العباس السفاح           750-754م

مروان الأول        684-685م                      أبو جعفر المنصور          754-775م

عبد الملك           685-705م                      المهدي                      775-785م

الوليد               705-715م                      الهادي                       785-786م

سليمان             715-717م                      هارون الرشيد                786-809م

عمر               717-720م

Ph.Hitti, History of the Arabs, p.139,193,279,297.

(145) يعود تعبير غيفوند إلى “ولاية أرمينيا العربية” المشكلة من قبل العرب وكانت تضم أرمينيا التاريخية والمناطق الشرقية من جيورجيا وبلاد آران والمناطق القريبة من بحر قزوين (شيرفان) وباب الأبواب (دربند). وعندما يذكر غيفوند آذربيجان قبلها، فإنه يعني أن جميع هذه المناطق أُسندت إلى عبيد الله كنائب للخليفة في المنطقة الشمالية.

(146) كان سليمان أول حاكم لأرمينيا تمركز في مدينة بردعة التي أضحت أحد مركزي الحكام العرب في أرمينيا إلى جانب عاصمة أرمينيا دبيل.

ـ آرام تيرغيفونديان، حول مسألة قيام إمارة دبيل في أرمينيا، دراسة في كتاب الأكاديمي الأرمني هوسيب أوربيللي (كان مدير متحف الإرميتاج-المترجم) موسكو-لينينغراد، 1960، ص 133-139.

(147) بعض الحكام العرب في أرمينيا المعروفين لدى المؤرخ غيفوند:

محمد، عبد العزيز، مسلم (مسلمة)، الجرّاي (الجراح)، سيت هاراشي (سعيد الحرشي)، مروان بن محمد، إسحاق بن مسلم، يزيد بن أُسيّد، بكّار بن مسلم، حسن بن قحطبة، عثمان، روه (روح)، خزم (خُزيمة)، يزيد بن مَزْيَد، عبد الكبير وسليمان. الجدول الكامل للحكام العرب في أرمينيا:

ـ آرام تير غيفونديان، كرونولوجية الحكام العرب في أرمينيا، “أكاديمية علوم أرمينيا، مجلة “باتماباناسيراكان هانديس”، العدد 1، ص 117-128، 1977، بالأرمنية.

(ترجم هذا الجدول الطويل د. ألكسندر كشيشيان في كتابه المترجم عن الأرمنية “ضرب النقود العربية في أرمينيا).

(148) وصلت هجرات الأمراء الأرمن والتابعين لهم أثناء الاحتلال العربي لأرمينيا إلى نسب تبعث على الرعب. إن هجرة عائلات الأمراء (التي كانت بداية للهجرات الأرمنية) بدأت بعد سقوط مملكة الأرشاكونيين الأرمن وكانت مختلف فروع عائلتها تهاجر من مناطق أرمينيا الغربية على وجه الخصوص مع عنصر العوام. وصلت الهجرة في القرن 8 م إلى قياسات كبيرة جداً وكانت بيزنطة تمتص خيرة قوى أرمينيا التي كانت تدخل في خدمة بلاط القسطنطينية وجيشها وصعد على عرش بيزنطة سلسلة طويلة من الأباطرة الأرمن. فقام الخلفاء وحكامهم بتوطين هذه المناطق الأرمنية بمستوطني القبائل العربية.

ـ ليو، تاريخ الأرمن، الجزء 2، ص 400-411، بالأرمنية.

ـ آرام تير غيفونديان، الإمارات الأرمنية في أرمينيا البقراتونية، ص 29-33، بالأرمنية.

(ترجم د. ألكسندر كشيشيان الكتاب الثاني إلى العربية).

الهجرات الأرمنية في جميع العصور منذ القدم كانت بسبب غياب الدولة الأرمنية وظهر ذلك جلياً جداً وخاصة أثناء الاحتلال العربي القاسي. وكانت هناك عقود كان استقلالها الذاتي الداخلي في خطر الزوال. لقد أضعفت هجرة المقاتلين الأرمن البلاد وكانت لها عواقبها السيئة جداً على البلاد وقدر مملكة البقراتونيين.

(149) الكابافونيون هم السكان الكنعانيون لمدينة كابافون الفلسطينية الذين جاؤوا إلى اليهود وعقدوا مع زعيمهم يشوع اتفاقاً. لكن، عندما أيقن الزعيم كذبهم، حولهم إلى سقّائين وحطّابين.

(150) استلم يسايي يغيباتروشيتسي منصب الكاثوليكوسية في الأعوام 775-788م.

(151) يعتقد المؤرخ الأرمني ن.أكينيان أن عنوان الكتاب الأصلي لغيفوند هو “الراهب غيفوند وكرونولوجية سلالة طوركوم” وكانت العادة في تلك القرون وضع العنوان في نهاية الكتاب.

المصدر: “تاريخ غيفوند”، المؤرخ الأرمني من القرن 8 ميلادي، ترجمه عن الأرمنية: الدكتور ألكسندر كشيشيان، حلب 2010، والتي ينشرها موقع (أزتاك العربي للشؤون الأرمنية) تباعاً.

انتهى

Share This