مقابلة إذاعة أرمينيا العامة مع الصحفي والكاتب ديكران يكافيان

 

أزتاك العربي- أجرت الصحفية ماري قزانجيان من إذاعة أرمينيا العامة من يريفان مقابلة مع الصحفي والكاتب ديكران يكافيان. وإليكم نص الحوار المقتبس من صفحة إذاعة أرمينيا العامة.

ولد السيد ديكران يكافيان في عام 1984في باريس وترعرع في البرتغال حاصل على دبلوم في العلوم السياسية من معهد العلوم السياسية في باريس بفرنسا. درس اللغة العربية في جامعة دمشق في سوريا. ثم درس اللغة العربية في اليمن ولبنان، وتخرج من معهد اللغات الشرقية في باريس.

يعمل في مجال الصحافة في بعض مجلات خاصة فرنسية أرمنية ولبنانية، وأصدر كتب عديدة، وآخر كتاب كان متعلقا بالشتات “حوار الشتات” (Diasporalogue) مع الممثل والمخرج سيرج أفيديكيان.

سؤال: السيد ديكران يكافيان، أهلاً بك في إذاعة أرمينيا العامة. أشكرك على قبول دعوتنا لإجراء حوار معك.
جواب: شكرا جزيلاً لاستضافتي.

سؤال: ولدت في فرنسا وترعرت في البرتغال وتعيش الآن في فرنسا ولكنك حاصل على دبلوم في اللغة العربية من جامعة دمشق…. هل من الممكن التحدث عن سبب دراستك للغة العربية بينما أنت تعيش في فرنسا؟

جواب: في الحقيقة كانت اللغة العربية دائماً موجودة في بيتنا، أنا أذكر ذلك، وقد كبرت مع أغنية عبد الحليم حافظ وأم كلثوم وفريد الأطرش، ولد أبي في حلب بسوريا، ولد في فندق بارون المشهور، وهو نقل لي كل هذه الأساطير وكل هذه الحكايات المتعلقة بهذا العصر وكانت هناك صورة نمطية ورومنسية متعلقة بالشرق الأوسط. ولذلك، عندما كنت طفل كنتُ أزور كل سنة في الصيف سوريا وهكذا اكتشفت أكثر عن الحضارة العربية وسجلت في جامعة دمشق لكي أتعلم اللغة العربية الفصحة.

سؤال: ماذا تعني سوريا بالنسبة لك؟

جواب: سوريا طبعاً لعبت ومازالت تلعب دور مهم جداً بالنسبة لي كأرمني من أصل سوري. من الضروري أن نأخذ بعين الاعتبار أن سوريا هي أم الشتات فكما أن العالم الأرمني لديه “الوطن الأم” (Mayr Hayrenik) فيمكن أن نقارن بسوريا حيث ولدت الشتات الجديدة ومازالت، وسوريا موجودة في قلوبنا للأبد وسوريا أيضاً نبع الحضارات والأديان السماوية وقد اكتشفت كثيراً عن الحضارة القديمة وأنا كنت دائماً عاشق هذا التاريخ.

سؤال: ما الذي ألهمك لاختيار مهنة الصحافة على الرغم من المعوّقات التي يواجهها الصحفي؟ 

جواب: بصراحة أنا لم أختر الصحافة، لكن الصحافة وجدتني. أنا كنتُ طالب في العلوم السياسية في جامعة باريس ومتخصص بشؤون الشرق الأوسط وكنتُ أيضاً أسافر كثيراً من بلد إلى بلد آخر حيث كان اهتمامي أيضاً عن الجاليات الأرمنية، كنتُ أكتبُ معلومات مختلفة عن الجاليات الأرمنية المحلية في البلدان التي أزورها. وقد كتبتُ مقالات في الصحافة الأرمنية الفرنسية، وكنت آنذاك أكتب باللغة الأرمنية في الجريدة الفرنسية الأرمنية “هراتش” المشهورة عن الجالية الأرمنية في اسطنبول وفي بيروت وفي حلب وفي الولايات المتحدة وفي بوسطن. وهكذا واصلتُ الكتابة واليوم أنا أكتبُ في المجال الأرمني والعربي والفرنسي.

سؤال: كتبت كتاب تناولت فيه موضوع الشتات الأرمني… ما هو عنوان الكتاب؟ ولماذا اخترت هذا الاسم والأهم ما هو سبب كتابتك لهذا الكتاب؟

جواب: بصراحة من الصعب ترجمة عنوان الكتاب إلى العربية، وقد اخترنا العنوان Diasporalogue ويمكن أن نترجمه بـ”حوار الشتات”. وسبب كتابة هذا الكتاب هو بسيط جداً، نحن نعيش في مجتمع الغرب، في أوروبا، حيث نُسيت مسائل النقل عن التراث واللغة الأرمنية في صفوف الجالية الجديدة، وأنا اعتبرها مشكلة وأنا أحب هذه المواضيع وكنتُ أريد أن أقوم بحوار مع صديقي الفنان المشهور سيرج أفيديكيان وهو مخرج سينمائي ولاعب مسرحي مشهور في فرنسا وولد في أرمينيا، ونحن لدينا نقطة مشتركة وهي الازدواجية، فنحن لدينا هويتان وهذا الأمر مهم جداً وفرصة لنا لنكون أغنى. قمنا باختيار بعض المواضيع المختلفة المتعلقة بقضية نقل اللغة الأرمنية وأهمية نقل التراث واخترنا أيضاً موضوع حساس قليلاً وهو العلاقة مع اليهود لأنه يوجد دائماً مقارنة بين الشتات الأرمني واليهود وليس من الصحيح دائماً أن نقوم بهذه المقارنة لكن الأرمن لديهم طريقة أخرى. واخترنا أيضاً موضوع مثير للاهتمام هو الحوار مع الأتراك والتطورات بين المجتمع المدني التركي والأرمني. وهناك جيلان يتحدثان عن مواضيع ليست معروف في الإعلام. كصحفيين، بشكل عام نتحدث عن مواضيع كلاسيكية مثل القضية الأرمنية والإبادة الجماعية والإنكار وقضية غاراباغ والمشكلات المحلية، ولكن أريد التشديد على ضرورة أن يكون هناك وجدان جديد، فنحن نعيش في الشتات ولا نعيش فقط في جالية محلية ولدينا عالم واسع أمامنا ولدينا قدرات كثيرة يجب أن نستخدمها، فعلى سبيل المثال لدينا جاليات في الولايات المتحدة والأرجنتين والغرب والشرق الأوسط، فمن الضروري أن نستخدم هذه الوسائل لكي يكون هناك نموذج جديد، لأن الأرمن في الشتات يعاني من الهيكلية القديمة والهيكلية الموجودة ليست قادرة على تبني نموذجاً جديداً يكون مفيد وفعّال.

سؤال: أنت تزور أرمينيا باستمرار… فهل من الممكن أن تتحدث عن سبب زيارتك وعن انطباعك عن أرمينيا؟ 

جواب: يوجد سببان، أنا أزور أرمينيا منذ 9 سنوات تقريباً وأستطيع أن أقول أن هناك تطورات ملموسة وإيجابية بشأن التطورات الاجتماعية والحياة اليومية والثقافة الأرمنية التي هي غنية جداً وأنا كصحفي أستفيد من هذه النشاطات الثقافية. وهناك أيضاً سبباً شخصياً فزوجتي أصلها من أرمينيا، ولكن ما زالت عواقب ومشاكل وحواجز للأرمن من الشتات الذين يرغبون أن يعيشوا في أرمينيا، مثلاً نحن في فرنسا لدينا نموذج اجتماعي قوي ولدينا ثقافة سياسية أخرى فمثلاً في أرمينيا مازالت توجد فجوة اجتماعية حضه وفرق واسع بين الطبقات الأعلى وطبقات الفقراء ومن الصعب أن يفهم الأرمن الفرنسيين هذا النموذج.

سؤال: ربما تحتاج إلى وقت للتطور وإزالة هذه الاختلافات، اختلافات الطبقات أوالمستويات المجتمعية؟

جواب: نحتاج إلى إعادة النظر اتجاه أرمينيا. مع الأسف الشديد أنا كبرت مع هذه الصورة النمطية المتعلقة بأرمينيا كوطن للجميع وأرمينيا قلب العالم الأرمني ويجب أن يكون كل شيء جميل وكل شيء نظيف وكل شيء نبيل وليس من الممكن أن يكون هناك مشاكل وأنا أظن أن هذه الصورة خطأ، فهذه الصورة متعلقة بفكرة “الحفاظ على الهوية الأرمنية” والتي هي فكرة تقليدية وقديمة وليست مفيدة لنا. من الضروري أن نرى ما الذي نستطيع عمله هناك كصحفي. فمثلاً أنا زرتُ أرمينيا خلال شهر تشرين الأول حيث أقيمت القمة الفرانكوفونية وقد كانت فعالية لا سبق لها وأنا اُعجبت بهذه الفعالية وبتنظيم الحكومة الأرمينية، الأمر ليس سهلاً ولكن من الضروري كأرمني فرنسي أن نساعد زملائنا الأرمن لكي تتطور الصحافة باللغة الفرنسية لأن أرمينيا دولة عضو في المنظمة الفرانكوفونية وهذا مفيد لأرمينيا وللشتات لأن تكون شبكات جديدة وعلاقات جديدة أساسها الفرانكوفونية.

سؤال: أعتقد أنه بعد القمة الفرنكوفونية أدخلت بعض وسائل الإعلام الأرمنية اللغة الفرنسية في برامجها وهذه هي خطوة جديدة وناجحة.

جواب: هذه مبادرة إيجابية، لكننا أسسنا موقع الكتروني اسمه “بريد يريفان” (Le Courrier d�Erevan) مديرة التحرير زارا نازاريان، ولدت في جورجيا ودرست في أرمينيا وثم في روسيا وفرنسا وعادت إلى أرمينيا، وهي نشيطة جداً في هذا المجال ونحن نريد جميعاً أن نطور هنا في أرمينيا صحافة جديدة أساسها الفرانكوفونية ولكن قراء هذا الموقع موجودين في الخارج وليسوا أرمن فقط وبالنسبة لي هذا مهم جداً، إذا كنا نريد أن نعمل بشكل جديد وننقل الفكرة الأرمنية ونعمل من أجل أن تكون أرمينيا جسر بين أفريقيا والدول الفرانكوفونية الأخرى في الخارج من جهة ومن جهة أخرى بلدان الاتحاد السوفيتي سابقاً. وأنا أظن أن أرمينيا ممكن أن تلعب دوراً إيجابياً في هذا الشأن.
سؤال: هل ترى بأنه ستواجهك تحديات إذا قررت في المستقبل الانتقال مع عائلتك من فرنسا إلى أرمينيا؟ 

جواب: أنا أظن أن هذا الأمر باكراً. وقد أشرت إلى أن الشتات يأتي إلى أرمينيا خلال الإجازة لحضور الزواج والاحتفالات والمحاضرات، لكن من الصعب العيش هنا فهناك صعوبات مثلاً على الصعيد الاجتماعي وقانون العمل. ممكن أن يتحقق هذا الحلم وأنا أعتقد أنه من الضروري أن يعمل أرمينيا والشتات بشكل جديد فمثلاً إذا قررت الحكومة الأرمينية إغلاق وزارة الشتات، نحن كمواطنين فرنسيين وسوريين ليس لنا الحق أن نتقد هذا القرار لكن لدينا الحق أن نقدم مبادرات مختلفة للمحافظة على الربط والعلاقة الرسمية لكن بشكل جديد، فمثلاً عبر مبادرات مختلفة كافتتاح مكاتب جديدة في وزارة الشؤون الخارجية. برأي، كان الجيل القديم يُقدّم المساعدة الإنسانية ولكن الجيل الحالي، الذي لم يعش زمن الاتحاد السوفيتي، لديه فرصة كبيرة لتكوين علاقة جديدة للاستفادة من تطورات هذا المجتمع المدني الأرمني الحديث بعد الثورة المخملية وبرأينا الثورة هي إيجابية جداً. ولأول مرة لم تكن الثورة الأرمنية فقط متعلقة بقضية غاراباغ وقضية الإبادة الجماعية الأرمنية وهي جيدة جداً. ولذلك هي فرصة لنستخدم وجود هذه الهيكلية الموجودة في أرمينيا لكي نقوم بتحديث هيكليتنا فالهيكلية الموجودة في الشتات قديمة وليس هناك أشخاص لديهم القدرة على التحديث وإعادة النظر إلى نموذج “الحفاظ على الهوية الأرمنية” وأنا أعتقد أنه لدينا الكثير للتعلم من أصدقائنا وإخواننا الأرمن في أرمينيا.

سؤال:في النهاية، هل من الممكن أن تقدم كلمة للسوريين أو للوطن العربي، بما أنك عشت في بلدان عربية مختلفة وقد رأيتُ محبتك المميزة والعشق للغة العربية وللوطن العربي فإذا كانت لديك أي كلمة تود توجيهها إلى أشخاص معينين أو بلد معين.

جواب: بالتأكيد، من المستحيل أن ننسى المساعدة التي تم تقديمها لنا خلال الإبادة الجماعية الأرمنية من قبل الشعب العربي الكريم إلى كل الأبرياء. أنا أذكر كلمة والدي عندما زرتُ دير الزور لأول مرة كما رأيتُ المقبرة ورأيتُ المحبة والاحترام الذي قدمه لنا العرب ومستحيل أن ننسى، ومهما كانت الظروف الراهنة كارثية أنا أعتقد كأرمن سوريين لدينا دين اتجاه الشعب العربي النبيل والكريم ومن الضروري أن تكون هذه العلاقة ليست فقط على شكل رمزي وإنساني ولكن على شكل فعلي لأن الشعبين الأرمني والعربي لديهما علاقة اسطورية تعود إلى قرون منذ احتلال ديكران الثاني مدينة حلب وإنطاكية. وأنا أحلم بأنه قريباً سنعود إلى حلب وسنقوم ببناء جالية جديدة أساسها التصالح لأن الأرمن في الغرب والشرق لديهم القدرة على الوساطة، ويستطيع الأرمن أن يفهموا رأي الآخرين بشكل حميم وبشكل جيد وهناك نظرية إنسانية وإحساسية وأتمنى أن نخوض دراسة في التاريخ، وسوريا مازالت تلعب دوراً أساسياً على الصعيد الأرمني. وأنا أذكر كلمة المطران الأرمن الأرثوذكس شاهان ساركسيان عندما زار باريس، وقد قال إن الأرمن في حلب يبنون أرمناً جديداً أي هناك مصنعاً أرمنياً في سوريا وطبعاً لدينا سمعة معروفة في دمشق، وإن شاء الله ستكون علاقات جديدة على صعيد الدولتان الأرمينية والسورية. كما أستطيع أن أقول إنه عندما زرتُ قبل أسابيع قصر أول رئيس لجمهورية أرمينيا ليفون دير بيدروسيان تكلمنا باللغة العربية لأنه ولد في حلب وأول زيارة رسمية له إلى الخارج كانت إلى سوريا، فعندما أصبحت أرمينيا دولة مستقلة في ظروف صعبة وكانت تمر بكثير من المشاكل الاجتماعية وكانت الحدود مغلقة من قبل تركيا وأذربيجان عندها قامت الجمهورية العربية السورية بتقديم المساعدة الملموسة وأرسلت أكثر من 2000 طن من الخبز إلى أرمينيا ومن المستحيل نسيان هذه المساعدة. تتواجد في سوريا الأقليات المسيحية وغيرها منذ قرون.

سؤال: شكراً لقبول الدعوة، وأتمنى لك النجاح في جميع مجالات حياتك.

جواب: شكراً وإلى اللقاء.

Share This