رمّان و..يريڤان في بلاد العم [يــان]

رمّان و..يريڤان في بلاد العم [يــان]

أزتاك العربي- كتب الإعلامي غسان الشامي على صفحته انطباعاته عن زيارته الى جمهورية أرتساخ بمناسبة مشاركته في منتدى (أصدقاء أرتساخ)، وجاء في النص:
“ان لطالما ترددت في كتابة انطباعاتي عن زياراتي لأرمينيا، لأنني، ومنذ يفاعة عملي الصحفي كنت “منحازاً” إلى الأرمن، حيث وعيت باكراً على مآسيهم وهجراتهم ودموع أمهاتهم وجدّاتهم، واقتنعت أيضاً بأنهم أكثر الناس إتقاناً لعملهم بين سكّان المشرق .
كتبت عن الإبادة كثيراً، وساهمت في ملفّات عنها منذ عقود ، كما جئت إلى يريڤان من أجل العمل أحياناً، فسجّلت عدة حلقات تلڤزيونية بينها واحدة مع الكاثوليكوس في اتشميازين، ومع كاثوليكوس بيت كيليكيا في أنطلياس، ومع خبراء ونوّاب وأساقفة ومثقفين في بيروت وحلب ودمشق، كما أتيت أرمينيا سائحاً عادياً حشرياً ومستكشفاً، وفي جميع المرّات يعطيني الأرمن جرعة زائدة من التفاؤل بقدرة الشعوب المتألمة على تغيير مصيرها، بالجد والعمل.
يمدّكَ جمال الطبيعة وتنوعها في أرمينيا بأنفاس طِيب يسميها “المستغربون” أوكسيجيناً، فالبلد فقير ، وهذا صحيح ، لكن النظافة فيه عالية، وهذا دليل على أن النظافة ثقافة ،وثقافة شعبية أولاً.
هذه المرة كنّا في جمهورية أرتساخ (ناغورنو – كاراباخ ) لحضور مؤتمر أصدقاء من العالم لدعم السلام في هذه البقعة ذات الجمال الظالم والهدوء الذي تخرقه الطيور نهاراً والثعالب الصغيرة ليلاً ، ولشدة إعجابي سأعود وعائلتي لنقضي فيها فترة.
بالمناسبة مساحة أرتساخ أكبر من مساحة لبنان، من دون أن يقطعوا منها شجرة واحدة ، أو يحرقوا أختها.
المهم، وبلا طول سيرة، في بلاد الأرمن هذه لديك بحيرة سيڤان ومساحتها ستة آلاف كلم2، والطريق منها باتجاه جورجيا ولا أبهى ، محفوف بالغابات العذراء ، على مدّ عينك والنظر، والمسكونة بالدببة والذئاب ، وهناك الأديرة القديمة في القرى المختلية بالغابات، والعابقة بروائح الأيام العتيقة ، فتزدرد ريقك بعد أن تسطو رائحة الحطب المنبعث من المواقد على خيشومك، وتنقض رائحة الشواء الطالعة من هنا وهناك على معدتك .
لن أكون دليلاً سياحياً لكم، فهذه ليست مهنتي ، لكنني سأخبركم عن بعض فواكه أرمينيا، وداعيكم ممن يدللون معدتهم، فالفاكهة لا مثيل لها في الحجم والنكهة، البرية منها والمزروعة ، يصنعون من بعضها عرقهم الخاص واللاذع مثل عرق التوت والرمان والخوخ والدراق والعنّاب والمشمش ، وهذا الأخير تبلغ حجم الحبة منه درّاقة متوسطة في بكفيا، كما أن الخضار فيها غير شكل وطعم ولون ورائحة، وبخاصة البندورة الحمراء جداً والحامضة. لم أجد في أي بلد زرته نسبة استعمال ” لطرخوم” خارج عاصمة سورية دمشق وغوطتها إلاّ في أرمينيا،وكأنه تمت طَرْخمة العلاقات المشرقية- الأرمينية، ولديهم استعمال لـِ ” الشمرا” أو “الشومر” ، لا بل صنعوا منه شراباً غازياً باهر النكهة واللذة.
على سيرة الرمان، هو شعار أرمينيا، تجده أنّى اتجهت، وله عندهم مودة خاصة، وتنتشر عربات عصيره في الساحات، وسعر الكوب أغلى من محل عصير لحوّد في برج حمود، ورغم كثرة الرمان يحافظون على سعره المرتفع، فيما يصنعون منه خمراً خاصاً ويستخدمونه في مأكولات متعددة، وييبيعون أشكاله الحرفية المتنوعة من الخشب والفضة والذهب، والرمان كما تعلمون فاكهة جميلة اللون والطعم ، فكيف إذا صارت شعار بلد جميل.
بالمناسبة ، لم أسأل عن اسم زهر الرمان ذي الجَرْس الموسيقي ” الجلنار” ،..بالأرمنية .. لأن اسمه عندنا كافٍ ووافٍ، لكنني قطعاً مغرم بجميع أنواع الرمان..الحلو والحامض واللفّان،..و بـِ ..يريڤان”.

Share This