جاك كجه جيان

غريب المرء. فعلاً الانسان كائنٌ غريب . معظم الأشخاص يتمتعون بصفات ونوايا واهداف خفية لا أحد يعلم بوجودها، ولكن سرعان ما يصبحون في مراكز قوة تتبلور الصورة شيئاً فشيئاً وتلك الصفات والنوايا والأهداف تصبح واضحاً كوضوح الشمس.

هذه هي الحالة مع الرئيس التركي رجب طيب اردوغان. تولى اردوغان الرئاسة التركية عام ٢٠١٤ وبدا بتشريع قوانين وإصدار مراسيم عدة ليصبح دكتاتوراً مستتراً وراء نظامٍ ديمقراطي .بدأ حينها ظهور أهداف ونوايا ذلك الجشع، وحاول بداية الربيع العربي فرض  هيمنة تركيا على المنطقة مراراً وتكراراً وبدأت حملته لتوسيع نطاق نفوذه.

ليس سرا ان اردوغان يرى نفسه خليفة السلطنة العثمانية وبنظره وعقيدته يتوجب عليه ان يسترجع الاراض والثروات والنفوز التي ذهبت في  مهب الريح حين هزمت الساطنة العثمانية. فاردوغان استعمل جماعة الاخوان المسلمين لتحقيق غايته واهدافه، ففي مصر نجح في ايصال مرشح الاخوان المسلمين الى رئاسة الجمهورية المصرية، وفي تونس بدعمه وصلوا حلفائه الى الحكم، كذلك  الامر في ليبيا طمحوا الاخوان الوصول الى الحكم فاخذوا البلد الي المجهول.

اما في سوريا والعراق فالوضع مختلف، فاردوغان يعلم جيداً انه لا يستطيع ايصال حلفائه الى الحكم لذلك لجأ الى استراتجية مختلفة. راهن على المجموعات الارهابية والمتطرفة ودعمها الى اقصى الحدود، حيث نجحت المجموعات الارهابية في سيطرة بعض المدن الاساسية في البلدين مثل حلب وادلب والموصل، فمنذ البداية كان يريد اقتطاع تلك الاراض العربية وضمها الى تركيا، هنا توهم اردوغان ان مخططه على طريق النجاح ولكن كان للجيش العربي السوري والحشد الشعبي العراقي ووحدات الحماية الكردية كلام آخر.

تقدمت الجيش العربي السوري والحشد الشعبي العراقي وطهروا حلب والموصل وعادت المدن الى الاحضان العربية، هنا اضطر اردوغان الى تغيير استراتجيته، وقرر انشاء منطقة اّمنة في الشمال السوري.

 وها نرى اليوم تلك المنطقة التي اعلنها اردوغان بمناطق اّمنة اصبحت جحيما بالنسبة للقوات التركية، وهي تحت النيران، قواعدهم تحت الحصار مع تقدم القوات العربية السورية. في المشهد الثاني أزيح رئيس الاخوان في مصر واصبحت قيادتهم في السجون، وفي تونس فقدوا الاغلبية.

اذاً طموح واهداف اردوغان في سوريا والعراق باتت في الماضي. لذلك قرر التركيز على ليبيا، مرة اخرى تجاهل اردوغان القانون الدولي  والاتفاقات الدولية وابرم اتفاقيتين بحرية وعسكرية مع حكومة الوفاق وسط سكوت تام من الدول العربية. واستعمل اردوغان  في الاشهرالماضية سفينة تحمل العلم اللبناني لنقل مدرعات وآليات عسكرية الى ليبيا، ولا يزال الصمت سيد الموقف.

وعندما دخل العالم زمن  وباء الكورونا، تبين للجميع اهمية اجهزة التنفس الاصطناعي في مكافحة الوباء الذي هز الدول الكبرى واوقف الاقتصاد العالمي وبدات  تزاد الطلبات على تلك الاجهزة.

قامت السلطات الاسبانية في هذه المرحلة بطلب اكثر من 150 وحدة من تلك الاجهزة من شركات تركية، وعندما بدات الشركات بتحضير طائرة الشحن لتصدير الاجهزة، تدخل اردوغان وصادر الطائرة بحمولتها، حارماً الشعب الاسباني من احد اهم ادوات مكافحة الوباء.

أين الدول العربية من هذه الانتهاكات للسيادة العربية؟ اين الاتحاد الاوروبي من الاتفاق البحري الذي الغى حقوق اليونان والقبرص؟ اين المجتمع الدولي من الانتهاكات المتكررة للقوانين والاتفاقيات الدولية؟ اين العالم من هذا المجرم الذي يحرم شعبا من مستلزمات طبية؟

ويقولون  ان التاريخ يعيد نفسه، فاثناء الحرب العالمية الاولى لقبوا السلطنة العثمانية بالرجل المريض، ونرى اليوم الرجل المريض يدعس على الكرامة الانسانية ويرسل مقاتلين مرتزقة  الى معسكرات الموت البطيئ، يتطاول على شرف والسيادة العربية بينما حكام العالم والعرب يقفون مكتوفي الايدي…نعم انه اردوغان الرجل المريض، الديكتاتور المستتر، الرجل الذي اشبه برئيس عصابة وليس برئيس جمهورية…

 

 

Share This