كريس تشوبوريان

لماذا ولدت في لبنان؟ و لماذا يجب أن أبقى فيه بقية حياتي؟ أسئلة رافقتني منذ صغري

فيما يخص السؤال الأوّل، فكنت أسأل أهلي عن جوابٍ له، في كل أزمة أو بعد كل خبر مؤسف أسمعه على نشرات الأخبار.

طبعًا لم أنل يومها جوابًا واضحًا لأننا كبشر لا نختار موطننا، لكنني مع مرور السنين فهمت الجواب:

إن الأوطان كالناس، لا يوجد في العالم وطنًا كامل المواصفات و بدون أي علّة، لكن على مَن يسكن فيه أن يحوّل نقاطه السلبية إلى نقاط إيجابية! و كل واحد منّا لم يلد صدفة في هذا البلد.

كبرت و أنا أسمع أن هنا في الداخل جهنّم و هناك في الخارج الجنّة، إلى أن إكتشفت أن الحياة في الخارج ليست كما يصوّرونها إخوتي اللبنانيون، باعتمادهم على بعض الصور والوثائقيات، أنها la vie en rose“.

برأيي الحل لكل مشكلة واضح وسهل

نعم، لدينا ١٨ طائفة، أليس من الأفضل أن نتّحد ونضع يدنا بيد بيعضنا لنبرهن سويًّا للعالم أننا نستطيع أن نحكم بلدنا لنكون مثلاً يُحتذى به بدلاً من أن نتواجه ونتقاتل تحت حجّة: الطائفية والكرامة؟ أليس أفضل يا سياسيّيننا الكرام أن نكدّس المال في خزينة الدولة واستثمارها لمصلحة الشعب بدلاً من أن يكدّس بعضكم في جيوبهم الخاصة المليئة ما لا قيمة لديهم أصلاً بسبب كثرته: المال؟

أليس أفضل أن نطوّر المدارس اللبنانية الرسمية لتتخرّج  منها أجيالاً واعية و مثقّفة لنكسب في المستقبل أكثر من أربع ملايين قادة فكر وليس غنمًا يلحقون بالرأي العام العالمي أو ما يسمّونه باعتقادهم: الحضارة و التطوّر؟

أليس أفضل أن نطوّر المستشفيات الحكومية ليُطبّب الإنسان لقيمته الإنسانية و لعدم تكرار صورة العجوز الذي مات على الأرصفة؟

أليس أفضل أن يُحرَّر القضاء من بين أيدي رجال المال والنفوذ ليُحاكم المذنب حتّى لو بالإعدام و يُطلق سراح البريء فيتمتّع لبنان: بالعدالة؟

 أليس أفضل أن نصنع وطنًا  يكون له كيان خاص به بدلاً من أن نعمّر حجرًا لا روح فيه؟

 أمّا فيما يخص السؤال الثاني، فنحن كشباب مهمّتنا أصعب من أن نطوّر قطاع أو أن نضع حدًّا للفسادمهمّتنا تغيير طريقة تفكيرنا. عند وصول الشاب اللبناني على أبواب التخرّج، يفكّر تلقائيًا بالهجرة، و أمام أوّل صعوبة أو حاجز، يختار اللبناني الهجرة.

أمّا الأهالي فيشجّعون أبناءهم على الهجرة مقتنعين أن أولادهم سيعودون عندما  يتحسّن الوضع في لبنان.

 لكن للأسف لا أحد يفكّر أن إذا استمرينا بالتفكير بهذا المنطق، هل سيبقى لنا بالأصل وطنًا إن عدنا؟

إن ازدياد موجات هجرة الشباب هي الأخطر من بين الضربات التي يتلقاها وطننا في الآونة الأخيرةنعم أخطر حتّى من الأزمة الإقتصادية!

إن الفيضانات و الزلازل تدمّر البيوت و ربّما تقتلعها من أساساتها، لكن هروب أهل البيت تحتّم بقاء البيوت ردمًا

اليوم وطننا كجريح في ساحة معركة، لدينا كشباب خيارين: إمّا نودّعه و نوعده بالعودة لإسعافه بعد هدوء ساحة المعركة و وقف القصف، و إمّا نخاطر بحياتنا و مستقبلنا قليلاً لننقذ الجريح و نسعفه لربّما نهديه حياةً جديدةو كيف إذا كنّا على الأقل مليوني شابًا جاهزين لنضع يدًا بيد  بعض لإنقاذ وطن!

 

 

Share This