دكتور هاروت نيكوليان : لن نقول لك وداعاً…

رقم  السجل :1زحله (مسقط رأسه عنجر )  ، تاريخ الميلاد :مع اشراقة كل شمس منذ العام 1945،العنوان : قلوب وعقول كل محبيه واصدقائه والأنسباء والأقارب . الجنسية :ارمني أصيل بالحسب والنسب ولبناني مخلص وصميم . المهنة : طبيب مارس الطب بعلم وانسانية وإخلاص وإحتراف .

فنان ورسام مبدع هو ،خطّ بريشته وأنامله اجمل اللوحات والصور ،علامات فارقة : خلق رفيع ،احساس مرهف وتواضع ما بعده تواضع وحب للحياة والفرح من دون حدود .ارثه ورصيده : محبة الناس له كل الناس من دون ادنى شك . اما شعاره الدائم فهو التفاني في خدمة الأخرين واحترامه  للذات وللغير بكل ما للكلمة من معنى .

انه الدكتور هاروت نيكوليان من دون مقدمات ،أخ لم تلده لي امي ،صديق صادق صدوق بإمتياز ،رفيق الدرب في السراء والضراء ،انيس السهرات والأمسيات والرحلات و”مشاوير شم الهوا”.

عرفت الدكتور هاروت نيكوليان منذ ما يزيد عن 35عاماً ونيف وأشهد امام الله والملأ انه لم تعتري هذه الصداقة الأخوية اي شائبة من شأنها ان تؤثر على صفاء علاقتنا وصداقتنا معاً .

كبير كان الدكتور هاروت نيكوليان في زمن رديء غاب عنه الكبار .

كنا اصدقاء ثلاث نكاد لا نفترق عن بعضنا البعض في كل المناسبات والأعياد والسهرات والمشاوير ، الدكتور نيكوليان والأخ الصديق نعيم الضاوي الذي رحل عن هذه الدنيا الفانية منذ أشهر  وأنا ، وعندما كنا نقرر الذهاب معاً في مشاوير خاصة مع زوجاتنا وعائلاتنا الى خارج مدينة بيروت كنت أصر دائماً على ان أكون انا والدكتور نيكوليان والأخ نعيم في سيارة واحدة يقودها الدكتور بنفسه وتكون زوجاتنا الثلاث في سيارة أخرى معاً ، وقد يسأل سائل لماذا كان يحصل ذلك وهل لهذا الأمر اي دلالة معينة وسرعان ما يأتي الجواب:  نعم ،لأننا نحن الثلاث كنا طوال الطريق التي تمتد في بعض الأحيان لساعات نكاد لا نهدأ ولا نستكين من خلال تبادل الأحاديث والضحك والفرح وكان الدكتور نيكوليان اذا ساد الصمت ولو للحظات قليلة يعاجلنا بنكتة من العيار الثقيل بلكنته الأرمنية المحببة .

صدقوني كان الرجل يختزن بمشاعره واحاسيسه ومرحه وفرحه يختصر الزمن والمسافات .وفي طريق العودة الى المنزل كنت ادعو في قرارة نفسي كي تطول الطريق لنستمتع بأطول وقت ممكن ولو داخل السيارة و لكي نسترسل بالمزيد من الفرح والضحك والأحاديث الممتعة والشيقةوالإستمتاع  اكثر واكثر بأخبار الدكتور نيكوليان الحلوة والمميزة ونكاته الدائمة .

دكتور هاروت ، لن نبكيك لأنك لم تكن يوماً تحب الحزن ورؤية الدموع ،لكننا نحن لم نستطع ان نحبس تلك الدموع في عيوننا وبين الجفون لأنها ابت الا ان تذرف حزناً عليك ايها الأخ والصديق الغالي والحبيب . كما لن نقول فيك رثاءً لأنك كنت دائماً من محبي الحياة والتفاؤل والرجاء والأمل وكنت ابداً من عشاق البسمة التي لم تفارق يوماً وجهك الباسم البشوش ،وايضاً لن نقول دكتور  نيكوليان من انت لأنك انت من يتحدث عن نفسه وذاته وشخصه لتقول من انت وقد اجتمعت فيك كل الخصال والعادات والأخلاق الرفيعة والمشاعر الطيبة فكنت راقياً في حياتك وكذلك ستبقى  دائماً وبعد الرحيل وان بصمتك البيضاء كقلبك الأبيض الطيب كافية لكي تتحدث عنك في كل زمان ومكان . وما الذكريات الجميلة التي تركتها معنا ومع عائلاتنا من الكبير الى الصغير الا عبارة عن اجمل الذكريات . فكنت تسأل عنا فرداً فرداً كي تطمئن عنا بإستمرار بدءاً بالسؤال عني وعن ندى وعن ابنتي لين وزوجها نادر وولديها ميلا وكريم وايضاً عن ابني علي وكأنهم من افراد اسرتك وهذا ما كان ينطبق ايضاً على العزيز نعيم الضاوي واسرته . لذلك لن اطيل الكلام فالحسرة  قد حفرت في القلب والعقل والنفس والوجدان ،فالخسارة بك دكتور هاروت جسيمة وكبيرة لا تعوض .تركتنا في منتصف الطريق كما حال الأخ نعيم ايضاً ،فيما بقيت انا وحيداً اعيش مع الذكريات الجميلة والأيام الحلوة التي لن تتكرر .

دكتور نيكوليان ماذا عساني اقول عن الفراق الذي بحد ذاته شكل بالنسبة لي ولأفراد اسرتي  جميعاً ألم  ووجع ما بعده ألم ،وكلما حاولت منذ بلغني الخبر المفجع عن رحيلك ان اقنع نفسي وذاتي بأن ما كتب قد كتب مع علمي ويقيني وايماني بأن الموت حق وهذه هي مشيئة الله وقدر كل منا ،وهنا دعني اصارحك القول بأنني بت أخاف من كل شيء وعلى كل شيء وبات همي الوحيد ان تمر هذه الأيام الصعبة والحالكة على الناس كل الناس لكي يتجاوزوا هذه المحنة التي خلفتها جائحة كورونا وان يحفظ الله هذا العالم من كل مكروه .

كلمتي الأخيرة اليك ايها الأخ والصديق العزيز الدكتور نيكوليان هي نفسها التي قلتها يوماً في رحيل اخي وصديق العمر نعيم وهي الصبر والسلوان لنا ولزوجتك الحبيبة الغالية الدكتورة ايما و لشقيقك فاكو وشقيقاتك وسائر الأهل والأصدقاء ومعارفك وكل محبيك وكن على يقين اننا سنبقى كما كنا دائماً خلال وجودك معنا نحافظ على روح الأخوة والصداقة الوفية المخلصة مع الدكتورة ايما وكل محبيك وسنبقى نذكرك دائماً بالخير والمحبة والوفاء والإخلاص كما ستبقى الذكريات الجميلة معك  محطات لن  تغيب عن البال والخاطر .

دكتور هاروت يذكرك الجميع طبيباً بارعاً ،انساناً راقياً كانت لك ايادٍ بيضاء في كل عمل وانجاز قمت به وما الشاهد على ذلك الا جامعة هايكازيان في بيروت التي كنت عضواً فاعلاً في مجلس الأمناء فيها ، اما لوحاتك ورسوماتك الفنية الراقية والملفتة فهي كفيلة وحدها بألوانها الزاهية ان تحكي عن ابداعك في هذا المجال .فيما حسك  الإنساني كطبيب فهو يشكل بحد ذاته عنوان عريض عن شخصك الكريم وشخصيتك المحببة بالشكل والمضمون.

تعازينا الحارة مجدداً للدكتورة العزيزة الغالية ايما ولكل معارفك والأهل والأصدقاء .

دكتور هاروت نيكوليان لن تغيب عنا ابداً وانت باقٍ دائماً معنا في البال والقلب والعقل والوجدان والضمير  ،فلترقد نفسك بسلام . في ثرى تراب عنجر البلدة التي احببتها واعطيتها من كل قلبك كل الحب والإخلاص  ،الف رحمة على روحك الطاهرة واسكنك الله فسيح جنانه .

بيروت في 6/3/2021

درويش عمار .

Share This