سفير أرمينيا في مصر: زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لبلادنا كانت تاريخية

صورة موضوعية

حوار: أحمد بهجت صابر

أكد هراتشيا بولاديان سفير أرمينيا لدى مصر أن العلاقات السياسية الثنائية بين البلدين غنية بالزيارات المتبادلة رفيعة المستوى.

وأضاف في حواره لـ «السفير الإخباري» أن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى أرمينيا، في مطلع هذا العام، كانت تاريخية.

إلى نص الحوار:

* كيف تقيمون العلاقات الثنائية بين مصر وأرمينيا، وخاصة في المجال الاقتصادي ؟

-بعد استقلالها عن الاتحاد السوفيتى، في 21 سبتمبر عام 1991، قامت أرمينيا بتطوير علاقاتها مع دول العالم وفي سياستها الخارجية أولت أهمية خاصة للشرق الأوسط. ومن الجدير بالذكر افتتاح أول سفارة لأرمينيا في الشرق الأوسط في القاهرة عام 1992.

وأولت أرمينيا أهمية كبيرة للتعاون السياسي مع مصر، وكانت العلاقات السياسية الثنائية غنية بالزيارات المتبادلة رفيعة المستوى. وعلى مر السنين، قام ثلاثة رؤساء أرمينيا بزيارة مصر. وأيضاً أود أن أقول أن الجالية الأرمنية في مصر لعبت ومازالت تلعب دوراً كبيراً وملموساً في تعزيز الصداقة التاريخية والتعاون الوثيق بين أرمينيا ومصر.

والحدث المهم الأخير في العلاقات الأرمنية-المصرية كانت زيارة رسمية لرئيس جمهورية مصر العربية السيد عبد الفتاح السيسي إلى أرمينيا، في مطلع هذا العام. كانت هذه الزيارة تاريخية، وهي المرة الأولى التي يزور فيها رئيس مصري إلى أرمينيا. التقى فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي بنظيره الأرمني، وكذلك مع رئيس الوزراء نيكول باشينيان. وكلام “زيارة تاريخية” ليست مجرد كلمة، ولكن خلال العلاقات الدبلوماسية إلى ما يقرب 32 عامًا، يمكن أن نقول أن زيارة رئيس دولة مؤثرة مثل مصر ليس من قبيل الصدفة في هذه الفترة، لأنه كما نعلم، أن مصر لديها مكانة مهمة في المنطقة وليس فقط في الشرق الأوسط، ولكن أيضًا في مناطق شرق البحر الأبيض المتوسط. وتلعب مصر أيضًا دورًا رئيسيًا في البنية الأمنية لإفريقيا بأكملها وفي الشرق الأوسط، وما يحدث في جنوب القوقاز، وأحب أن أذكر أن مصر قد أصدرت بيانًا بأنها لا يمكن أن تكون غير مبالية بالعمليات التي تحدث في المنطقة ولذلك أستطيع أن أسجل أن أرمينيا قامت باستقبال لائق وعالي لرئيس مصر. ويمكن اعتبار زيارة رئيس مصر أولاً وقبل كل شيء ملخصًا لعلاقاتنا الممتد على مدى 32 عامًا، لأن التطور تم بشكل ديناميكي، وكان الحوار السياسي دائمًا له الأولوية بين البلدين، وإلى جانب ذلك، أن نظرة أرمينيا لمصر ليس فقط للعلاقات الثنائية ولكن بشكل عام تقيِّم دور مصر في العالم العربي والإسلامي كله.

تلخيصاً، أود أن أقول رفعت الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي في يناير الماضي، وكذلك زيارة الرئيس الأرميني لمصر لحضور COP-27، حيث وصل الحوار السياسي الأرميني-المصري إلى مستوى جديد.

وأرغب أن أشير إلى أن زيارة الرئيس المصري إلى أرمينيا أعطت دفعة جديدة لعلاقاتنا الاقتصادية. في الواقع، كانت الزيارة مهمة أيضًا بسبب النتائج الفورية والواعدة التي حققتها حتى الآن. بحماس كبير أود أن أشير إلى أن الكثير من الشركات المصرية والأرمنية أعربت منذ ذلك الحين عن اهتمامها المتبادل واستعدادها لاستكشاف فرص الأعمال والاستثمارات في البلدين الصديقين. فقامت العديد من الشركات بزيارات للتعرف على الفرص المتاحة على أرض الواقع. وبالتالي، يمكنني القول إن ممثلي القطاعين الخاصين الأرميني والمصري ينظرون إلى زيارة الرئيس السيسي إلى يريفان على أنها إشارة لمواصلة تطوير العلاقات الاقتصادية بين أرمينيا ومصر․ فأرمينيا مؤخرًا تُعتبر جذابة أيضًا لرجال الأعمال المصريين من حيث الاستثمارات، ربما ببطء، ولكن هذه العملية موجودة.

وفي دورها تبذل سفارة أرمينيا في القاهرة جهودًا كبيرة لتعزيز وتطوير التعاون الاقتصادي بين البلدين، آملاً بأن تزيد التجارة الثنائية والاستثمارات المتبادلة في السنوات المقبلة. وتجدر الإشارة إلى أن عام 2022 كان واعدًا للغاية حيث ارتفع حجم التبادل التجاري أربع مرات مقارنة بأرقام عام 2021. ونأمل أن نحقق المزيد من النتائج الملموسة في السنوات المقبلة. وتهتم أرمينيا أيضًا بالمشاركة في العديد من المعارض الدولية التي تقام في مصر ، من بينها معرض Food Africa

أما التعاون في مجال السياحة له دور مهم في العلاقات الأرمينية-المصرية. أننا حققنا مؤخرًا إنجازات ملموسة في مجال السياحة. في فبراير لهذا العام، عقد في القاهرة أول منتدى بين شركات السياحة الأرمنية والمصرية. وخلال المنتدى تم عقد اجتماعات ثنائية بين شركات السياحة الأرمنية والمصرية، ونتيجة للمفاوضات تم التوصل إلى اتفاقيات لتعزيز التعاون بين الدول في مجال السياحة.

وفقًا للبيانات الحالية، قام حوالي 105000 سائح من أرمينيا بزيارة مصر خلال عام 2022. ونود أن نرى تزايد في عدد المصريين الذين يزورون أرمينيا لتعرف على ثقافتنا وتاريخنا وتقاليدنا. وأريد أن أشير إلى أن هناك بالفعل رحلات طيران مستأجرة ورحلات طيران مباشرة منتظمة يومياً من يريفان إلى شرم الشيخ والغردقة. ونقوم بأعمال مشتركة مع الجانب المصري لإطلاق الرحلات الجوية المباشرة بين عاصمتينا، وأعتقد أن هذا الحدث سيكون له تأثير إيجابي على تعاون بلدينا في هذا المجال.

ومن الجدير بالذكر أن في الآونة الأخيرة، تم تبسيط نظامي منح تأشيرات الدخول بشكل متبادل. وهكذا تم إلغاء طلب الدعوة للمصريين – ويمكن للمواطنين المصريين التقدم بطلب الحصول على تأشيرة مباشرة من سفارة جمهورية أرمينيا في مصر أو من خلال نظام التأشيرة الإلكترونية، وفي حين أن المصريين الذين لديهم إقامة سارية أو تأشيرة صالحة لأكثر من 40 دولة (بما في ذلك دول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي ودول شنغن والولايات المتحدة الأمريكية ونيوزيلندا، وما إلى ذلك) يمكنهم الحصول على تأشيرة عند الوصول إلى أي حدود – نقطة مراقبة جمهورية أرمينيا.

وطورت أرمينيا ومصر حوارًا فعالًا أيضًا في المجال التعليمي. يتم تنفيذ برامج متبادلة لتعليم اللغتين: الأرمنية والعربية للطلاب الأرمن والمصريين. وفي إطار هذا التعاون، يقوم مركز الدراسات الأرمنية بجامعة القاهرة (تم تأسيسه في عام 2009) بأنشطة تعليمية فاعلة حيث منذ شهر مارس للعام الماضي، بتمويل من حكومة جمهورية أرمينيا، وصل محاضر من جامعة يريفان الحكومية لتدريس اللغة الأرمنية للطلاب المصريين. في فبراير، أقيمت ندوة علمية لمركز الدراسات الأرمنية مهداه للذكرى الـ 125 لميلاد الشاعر الأرمني المشهور يغيشي تشارينتس، وذلك بالمبنى الرئيسى بكلية الآداب – جامعة القاهرة. وهذه الندوة العلمية سيتبعها المؤتمر العلمي الدولي والذي سيعقده مركز الدراسات الأرمنية في أكتوبر لهذا العام.

ومن ناحية أخرى، طورت أرمينيا تعاونًا مثمرًا أيضًا مع الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية. خلال السنوات الماضية شارك آلاف المتخصصون الأرمن من مختلف المجالات في الدورات التدريبية للوكالة.

*هل هناك زيارات مرتقبة من المسئولين في مصر أو أرمينيا خلال الفترة القادمة ؟

وبعد حوالي شهر من زيارة رسمية لفخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى أرمينيا، ، قام وزير خارجية أرمينيا، أرارات ميرزويان، بزيارة عمل إلى مصر. على الرغم من أن الهدف الرئيسي من زيارته كان المشاركة في الدورة 159 لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، و في إطار زيارته التقى نظرائه العرب وعرض وجهة نظر أرمينيا حول القضايا التي تهم أرمينيا. والتقى وزير الخارجية المصري سامح شكري وبحث معه الجهود المستمرة لتنفيذ الترتيبات التي تم الاتفاق عليها خلال زيارة الرئيس المصري. كما عقد وزير الخارجية الأرميني لقاءات مهمة للغاية مع فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد محمد أحمد الطيب – شيخ الأزهر الشريف وبابا تواضروس الثاني – بابا الإسكندرية وبطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.

وخلال هذا العام، نتوقع أيضاً لعقد اجتماع للجنة المشتركةالأرمنية-المصرية، والتي سيصاحبها مؤتمر لرجال الأعمال، وأعتقد أنه سيكون حافزًا إضافيًا لتنمية العلاقات الاقتصادية والتجارية بين بلدينا. وفي إطار اللجنة الحكومية الدولية، من المتوقع التوقيع عدد من وثائق التعاون بين البلدين في مجالات مختلفة ومعظمها في مجال الاقتصاد.

ونأمل أن تكون هناك زيارات ثنائية أخرى رفيعة المستوى في المستقبل القريب.

* بعض الخبراء يتحدثون عن تشكل نظام عالمي جديد .. ما هي رؤيتكم حول هذا الأمر ؟

-أجل، صحيح أن الجميع يتحدثون عن “النظام العالمي الجديد”، لكنه لا يزال صعب تخيله بالوضوح، ولا يوجد مخططه الواضح بعد. ولكن يمكنني القول أن منذ بداية تاريخ البشرية، سعى المرء دائمًا لخلق مجتمع أكثر عدلاً ومساواة و كان ذلك أساس التغييرات الاجتماعية.

واليوم يشهد العالم تطورًا تكنولوجيًا سريعًا للغاية ويشير هذا الأمر بوضوح إلى أن التقنيات ستلعب دورًا مهمًا وأساسيًا في تشكيل النظام العالمي الجديد، وباعتقادي التكنولوجيا المعاصرة ستسيطر على العالم.

وفي الوقت نفسه، في تشكيل النظام العالمي الجديد، أتخيل أيضًا المشاركة الكبيرة للتكنولوجيا في الصناعة والانتاج، والتي ستؤدي إلى استخدام موارد بديلة جديدة في مجال الصناعة بدلاً من موارد الطاقة والوقود (النفط والغاز) المستخدمة حاليًا.

* إلى أي مرحلة وصلت مباحثاتكم مع أذربيجان؟

-أولاً أود أن أؤكد من جديد أن أرمينيا ملتزمة برؤيتها لبناء الاستقرار والسلام في المنطقة وتواصل مشاركتها البناءة في المفاوضات بشأن تطبيع العلاقات مع أذربيجان.

بعد حرب 2020 التي استمرت 44 يومًا، أوفت جمهورية أرمينيا بجميع الاتفاقات المنصوص عليها في الإعلان الثلاثي الصادر في 9 نوفمبر 2020 (بين رئيس وزراء جمهورية أرمينيا ورئيس جمهورية أذربيجان ورئيس الاتحاد الروسي)، ومعربًا عن استعداده لحل جميع القضايا القائمة مع أذربيجان من خلال المفاوضات السلمية، عرضت أرمينيا أجندة إحلال السلام في المنطقة. تجري حاليًا المفاوضات حول قضية ناغورنو كاراباخ وتسوية العلاقات بين أرمينيا وأذربيجان بصيغ مختلفة. وينبغي التأكيد على أن ضمان أمن وحقوق أرمن ناغورنو كاراباخ أمر أساسي للجانب الأرمني وانتهاك حقوقهم وحرياتهم هو السبب الرئيسي لنزاع ناغورنو كاراباخ، وبالتالي أيضًا حجر الزاوية في التسوية. ومع ذلك، بعد حرب الـ 44 يومًا، أعلنت أذربيجان أن القضية قد تم حلها وأن ناغورنو كاراباخ غير موجودة، واستمرت وتفاقمت سياسة التخويف والتطهير العرقي لأرمن ناغورنو كاراباخ.

إلى جانب عملية التفاوض بشأن تطبيع العلاقات بين أرمينيا وأذربيجان، يستمر الحصار غير القانوني لممر لاتشين من قبل أذربيجان.

في انتهاك واضح للفقرة السادسة من البيان الثلاثي الصادر في 9 نوفمبر 2020، ومنذ ديسمبر 2022، أغلقت أذربيجان ممر لاتشين، وهو يعد بمثابة الطريق الوحيد الذي يربط ناغورنو كاراباخ بأرمينيا والعالم الخارجي، ونصبت نقطة تفتيش أذربيجانية هناك. على الرغم من انتقادات المجتمع الدولي والقرارات الملزمة قانونًا الصادرة عن محكمة العدل الدولية في 22 فبراير و6 يوليو عن إالغاء حصار ممر لاتشين، تواصل أذربيجان حصارها على ناغورنو كاراباخ، مما أدى إلى نشوب أزمة إنسانية تهدد الوجود المادي لأرمن في ناغورنو كاراباخ.

وهكذا، وعلى الرغم من كل الجهود التي تبذلها أرمينيا ودعوات المجتمع الدولي، تواصل أذربيجان سياستها العدوانية وغير البناءة، بما في ذلك أيضا استهداف أراضي جمهورية أرمينيا ذات السيادة. منذ مايو 2021، قامت أذربيجان مراراً وتكراراً بعمليات عسكرية عدوانية، واحتلت حوالي 150 كيلومتراً مربعاً من الأراضي الخاضعة لسيادة جمهورية أرمينيا. وإلى جانب هذه العمليات، تنسحب أذربيجان بانتظام من الاتفاقيات التي تم التوصل إليها، وتواصل الخطاب العدواني والكراهية ضدد أرمن وأرمينيا.

لتجنب النزاعات المسلحة على الحدود، اقترحت جمهورية أرمينيا مرارًا وتواصل اقتراح سحب القوات من الحدود المعترف بها دوليًا، وهو ما ترفضه أذربيجان، وهذا بهدف الحفاظ على الأراضي المحتلة بالفعل واحتلال أراضي جديدة عن طريق استفزازات جديدة.

بعد الوفاء بالاتفاق الذي تم التوصل إليه خلال البيان الثلاثي في 9 نوفمبر، أي تبادل أسرى الحرب والرهائن وغيرهم من المحتجزين على أساس مبدأ “الجميع مقابل الجميع”، أعادت أرمينيا جميع أسرى الحرب الأذربيجانيين، ولكن لم يفِ الجانب الأذربيجاني بعد بالالتزام المذكور، وفي انتهاك صارخ لقواعد القانون الإنساني الدولي، تواصل أذربيجان احتجاز 35 من العسكريين والمدنيين الأرمينيين كرهائن والذي تم الاستيلاء عليهم أثناء حرب 44 يومًا وبعدها.

وفقًا للبيان الثلاثي الصادر في 9 نوفمبر 2020، اتفق الطرفان على إلغاء حظر جميع الروابط الاقتصادية والنقل في المنطقة. و كما تم التأكيد على هذا الاتفاق في جميع الاجتماعات والبيانات اللاحقة تقريبًا. ومع ذلك، قامت أذربيجان، في تفسيرها التعسفي للبيان الثلاثي الصادر في 9 نوفمبر 2020،بمطالبة توفير ممر خارج الحدود الإقليمية من أرمينيا، منتهكًا المبادئ الأساسية لميثاق الأمم المتحدة بوضوح. وفي هذا الصدد، صرحت أرمينيا مرارًا وتكرارًا أنها مستعدة لإعادة تشغيل خطوط النقل الإقليمية على أساس مبادئ السيادة والولاية القضائية والمساواة والمعاملة بالمثل. ومع ذلك، يبدو أن أذربيجان غير مهتمة بهذا الأمر، وتحاول بتصريحاتها التوسعية وإجراءاتها غيرالبناءة تدمير هذه العملية أيضًا.

سفير أرمينيا في مصر

سفير أرمينيا في مصر

 

Share This