منطقة جيرموك الأرمينية تسعى لتبديد آثار الحرب مع أذربيجان ومعاودة استقبال السياح

القاهرة – بوابة الوسط: هبة أديب الخميس 10 أغسطس 2023, 12:01 مساء

جانب من منطقة جيرموك الأرمينة في 19 يوليو 2023. (أ ف ب)

بعدما كانت منطقة جيرموك التي تشكل منتجعا صحيا يبعد بضعة كيلومترات عن الحدود مع أذربيجان، الأكثر استقطابا للزوار في أرمينيا، هجرها السياح منذ استهدفها قصف من الدولة المجاورة في سبتمبر 2022. وفي متنزه هذه المدينة الجبلية المعروفة بينابيعها الساخنة، وحدهما نعيق الضفادع وصراخ البجع يخترقان الصمت السائد.

عودة السياح

وبينما تؤكد السلطات المحلية أن جيرموك باتت مستعدة لمعاودة استقبال السياح، يشير السكان إلى أن الصدمة التي تسبب بها القصف المدفعي الأذربيجاني على المدينة الأرمينية في الخريف الماضي، لا تزال حاضرة بقوة في الأذهان، ما يبطئ عودة السياح. وتواجهت الدولتان الواقعتان في منطقة القوقاز، في جولات معارك متكررة أعقبت سقوط الاتحاد السوفياتي قبل ما يزيد عن ثلاثة عقود.

آثار الحرب

حسب وكالة «فرانس برس» تقول أوفسانا ستيبانيان (42 سنة)، وهي مالكة مطعم في جيرموك، «إن آثار الحرب اختفت من الشوارع لكنها لا تزال في ذهنية السكان»، مضيفة أن «الفنادق والمطاعم شبه خالية، ما يكبدنا خسائر». وتشير إلى مطعمها كمثال، لافتة إلى أن عددا كبيرا من السياح كانوا يرتادونه سابقا لدرجة أن الزائر كان يتعين عليه الحجز قبل أيام عدة. أما اليوم، فلا تستقبل سوى حفنة من الزبائن يوميا، فيما اضطرت لصرف نصف الموظفين. ويلخص فازغين غالستيان، وهو مرشد سياحي يبلغ 33 عاما، الوضع قائلا «نحن ندرك أن خطر اندلاع حرب جديدة قائم».

«ليلة مروعة»

وتتنازع باكو ويريفان منذ أكثر من ثلاثة عقود للسيطرة على ناغورني قره باغ، وهي منطقة جبلية يسكنها الأرمن بشكل رئيسي لكن يُعترف بها دوليا كجزء من أذربيجان. وأتت نتيجة حرب أولى بين البلدين استمرت بين العامين 1988 و1994 لصالح أرمينيا، لكن في خريف 2020، اندلع صراع جديد وتمكن الجيش الأذربيجاني الذي كان مُسلحا بشكل أفضل، من السيطرة في غضون خمسة أسابيع على جزء من ناغورني قره باغ ومناطق مجاورة لم تكن تحت سيطرته لأكثر من 20 عاما.

ورغم رعاية موسكو اتفاقا لوقف إطلاق النار، لا تزال الاشتباكات الحدودية تُسجل بصورة شبه يومية. وفي منتصف سبتمبر 2022، اعتقد كثيرون أن الحرب قد اندلعت مرة جديدة بعدما قصفت أذربيجان بالمدفعية والمسيرات بشكل مفاجئ مدن جيرموك وسوتك وفيرين شورزا الحدودية. وتؤكد أوفسانا ستيبانيان أن نسيان ما حصل صعب عليها. وعلى غرار معظم السكان، هربت مع ابنها ووالدتها إلى ملجأ تحت الأرض عندما قصفت القوات الأذربيجانية المدينة.

وتتذكر ما حصل قائلة «كانت تلك اللحظات مليئة بالخوف، كما لو أنها من فيلم رعب»، مضيفة أن «النساء والأطفال هربوا من جيرموك إلى يريفان داخل شاحنات». وتتابع أن «الطريق كانت مليئة بالسيارات التي تقل أشخاصا هاربين، فيما كانت النيران تستعر في الغابات والحقول المجاورة للمدينة».

إمكانات سياحية «هائلة»

ويروي نائب رئيس بلدية المدينة فاردان سركسيان أن «قصف جيرموك بدأ منتصف الليل، وكان الأذربيجانيون يستهدفون الطرق والغابات»، مشيرا إلى أنهم «ألحقوا أضرارا بالمباني السكنية والبنية التحتية الحيوية والمقبرة». ويلفت إلى أن بعد نحو عشرة أشهر من يومَي المعارك هذين، تبددت آثار القصف وجرى إصلاح البنية التحتية. ويتابع أن «جيرموك مستعدة لمعاودة استقبال السياح». أما تيغران سركيسيان (20 سنة) فعاد بدوره إلى جيرموك قبل أربعة أشهر بعدما أنهى خدمته العسكرية.

-10 دولارات ضريبة على كل سائح في بالي
-أذربيجان تتهم روسيا بعدم الوفاء بالتزاماتها في اتفاق قره باغ

ويتولى راهنا في إحدى مدن الملاهي بالمنطقة إدارة لعبة للرماية تشكل أعلام أذربيجان وصور رئيسها إلهام علييف أهدافا فيها. ويقول إن «العدو قريب جدا»، في إشارة إلى قوات باكو المتمركزة على بعد أربعة كيلومترات من جيرموك. ويتابع «في حال لم يتغير الوضع، سيندلع الصراع مجددا وسأضطر للمشاركة في الحرب».

ورغم كل شيء، تستقبل جيرموك من جديد عددا محدودا من السياح، بينهم يوليا شتيكوفا (51 عاما) المقيمة في موسكو. وتقول «أدرك ما حدث في جيرموك العام الفائت لكنني لست خائفة»، مضيفة «أن هذه المنطقة بمثابة معجزة وإمكاناتها السياحية هائلة».

alwasat

Share This