بعد مرور ١٠٩ عام علي الإبادة الأرمنية سنظل نتذكر و نطالب بالعدالة …

من الأهمية في عالمنا اليوم أن يتم الحفاظ علي ذاكرة الشعوب حية باستمرار، خاصة في ظل انتشار العنف والظلم الذي نشهده كل يوم. يبدو أن العالم مليء بالنوايا الخبيثة تجاه الإنسانية، حيث تتكشف أمام أعيننا العديد من حالات إساءة استخدام العدالة وحقوق الإنسان. في مثل هذه الأوقات، يصبح من المهم جدًا التمسك بذكريات الفظائع والصراعات والحفاظ عليها في ذاكرتنا. إن جوهر تذكر الماضي لا يقتصر فقط على الأرمن او مجموعة أو عرق معين؛ فهو يتجاوز الحدود والثقافات.

‎إن تاريخ العنف والقمع طويل ومؤلم، ولكل مجتمع قصصه الخاصة من النضال. أحد هذه الفصول المظلمة في تاريخ الإنسانية هي الإبادة الجماعية  للأرمن عام 1915، حيث فقد اكثر من مليون ونصف المليون أرمني أرواحهم، وتمزقت الأسر، و تم الاستيلاء على الممتلكات و تم تهجير شعب باكمله من أراضيه التاريخية. إن معاناة الشعب الأرمني تمثل تذكيرا صارخا بالفظائع التي يستطيع البشر أن يلحقوها ببعضهم البعض و الإفلات من العقاب بإنكار الجريمة.

‎وفي الآونة الأخيرة، سلط الصراع في آرتساخ، الذي اتسم بالمجازر الوحشية ونزوح اكثر من ١٢٠ الف ارمني من وطنه التاريخي، الضوء مرة أخرى على التأثير المدمر للحرب على حياة الأبرياء. وتتردد أصداء الألم والخسارة في جميع أنحاء العالم، وتحثنا على التضامن مع ضحايا العنف والقمع.

‎ويسلط العنف المستمر في غزة الضوء بشكل أكبر على محنة الشعب الفلسطيني، الذي يعاني يوميا من معاناة وخسائر لا يمكن تصورها. ويستمر عدد الضحايا في التصاعد، مع إصابة الآلاف وتحطيم الأرواح، مما يؤجج دائرة من الكراهية والاستياء لا تؤدي إلا إلى إدامة دائرة العنف.

‎وسط هذه الحقائق المروعة، عندما نتأمل مبادئ العدالة، والقانون، وحق الناس في تقرير المصير، فلابد وأن ندرك الحقيقة المؤسفة المتمثلة في أن الإيمان بالأنظمة القانونية قد يكون مضللاً و محبطاً في بعض الأحيان. وعلى الرغم من وجود هيئات حقوق الإنسان الدولية مثل الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية، إلا أن الواقع لا يزال قاتما بالنسبة لأولئك الذين يسعون إلى العدالة أو يطالبون بحقوقهم. وفي حين أن هذه المؤسسات قد تقدم بعض العزاء للشعوب الصغيرة و  المضطهدة، فإن الدول الكبري تستمر في متابعة أجنداتها الخاصة.

‎من الضروري أن نتمسك بإيماننا بالعدالة والرحمة والكرامة المتأصلة في كل إنسان. إن السعي إلى عالم أفضل، حيث يُعامل جميع الأفراد باحترام ومساواة، يظل مسؤولية مشتركة تتجاوز الحدود والاختلافات. دعونا نواصل الكفاح من أجل مستقبل يسود فيه السلام والعدالة، وحيث ترشدنا دروس التاريخ نحو عالم أكثر تعاطفا و إنسانية .

ونتذكر بكل التقدير و الامتنان المواقف المشرفة و الانسانية للشعوب و الحكومات  العربية تجاه الأرمن الذين نجوا من الإبادة الجماعية الأرمنية ولجأوا إلى هذه البلاد وتم دمجهم في النسيج العربي بحسب المبادئ الإنسانية والدينية النبيلة.

الهيئة الوطنية الأرمنية

(البوستر للفنانة د ريهام عفيفي)

Share This