النموذج التركي في التقارب و‎الاختراق

اكتملت كل المكونات لوصف الوضع الاقليمي بالمتأزم. الانفجاران في حلب وعدد الضحايا والمواقع المختارة تعمق الأزمة السورية أكثر، وتنذر بتوسع جديد للأحداث.

إن تقارب أنقرة الاستثنائي لسوريا واتفاق التعاون الاستراتيجي العسكري وإزالة تأشيرات الدخول الى البلدين والتوقيع على الكم الهائل من الاتفاقيات الثنائية في الفترة التي سبقت الأحداث في سورية كانت تتطلب عملية تغلغل واختراق تركي تحت غطاء التقارب.

وإن وجود أكثر من 40 ضابط تركي يعملون على الأراضي السورية في هذه الظروف هي إشارة واضحة على أعمال تذهب أبعد من التقارب.

يفسر عنصر “التقارب” التركي على هذا النحو، وينبغي رؤية ذلك ضمن الإطار العام للسياسة الخارجية التي تحمل شعار “تصفير المشاكل مع الجوار”، وفي نهاية الأمر سورية هي دولة جارة لتركيا تصفر معها المشاكل العالقة بهذا الشكل…

تشير المعطيات الى أن تقارب أنقرة النافذ يحضّر الى أوضاع أخرى للفوضى بالنسبة الى سوريا. لبنان أيضاً ليس بمنأة عن سياسة التقارب تلك، حيث يسود وضع قلق، حيث يؤدي خلاف جرى في جلسة الحكومة الى تجميد أعمال الحكومة.

سابقاً كانت الخلافات الحادة أكثر بالكاد تؤول الى طرق مسدودة في حالات نادرة أيام الحكومات المشكلة من أقطاب مختلفة. الآن تترك الخلافات الناجمة عن تعيينات حكومية انطباع الحجج للوصول الى تعليقات مماثلة. كان يمكن لخلاف حاد أن يؤجل الموضوع المطروح الى تاريخ غير محدد وليس الى أن يشل أعمال الحكومة. خاصة وأنه هناك مسائل حيوية في مجالات عديدة متعلقة بشكل مباشر أو غير مباشر بالحياة المعيشية للمواطنين وحقوقهم الأساسية.

يبدو أن لبنان هو في مرحلة الانتظار، وهو الذي يتأثر بالاإطار السياسي والجغرافي العام. وهنا تواجه الأطراف اللبنانية مشكلة المحاسبة بشأن نتائج سياسة التقارب مع أنقرة، فمبادرة الوحدات العسكرية التركية في جنوب لبنان وبناء مشافي تحت غطاء المساعدات الانسانية وإعادة تهيئة المدارس تحت تسمية التعليم، والنشاطات الثقافية وحشد الصحفيين اللبنانيين ودخول أبواب بيروت العريضة تحت تسمية مشاريع ضخمة بهدف التطوير الاقتصادي تشكل حلقات مختلفة من سلسلة مهمة لتنفيذ سياسة معينة.

يجدر بالفكر السياسي اللبناني، بعيداً عن الاعتبارات الطائفية، أن يتمكن من تقييم دور أنقرة في سورية اليوم، ليستخلص نتائج التقارب الشكلي الذي نفذه قادة أنقرة حيال دمشق، خاصة حين عرض وزير خارجية تركيا البارحة النسخة البيروتية من التقارب أمام الرؤساء الروحيين والسياسيين في البلاد تحت غطاء المؤتمرات في الأمم المتحدة.

إنها لحظة إجراء تقييم نتائج وتبعات تفعيل العنصر التركي في المنطقة، الآن.

شاهان كانداهاريان

رئيس تحرير “أزتاك” الأرمنية

بيروت

Share This